للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأوّل: أنْ يَكُونَ المَخْصُوصُ مُبْتَدأ خَبَرُه مَحْذُوفٌ تقديره: نِعْمَ الرَّجُلُ زَيْدٌ المَمْدوحُ، ذَكَرَهُ ابنُ عُصْفور في المُقَرّبِ (١) .

الثاني: المَخْصُوصُ بَدَلٌ مِنْ الفاعِلِ، وهو رَأيُ ابنِ كَيْسان (٢) ، ويَرُدُّه أَنَّ المَخْصوصُ لازِمٌ،وليسَ البَدَلُ بلازِمٍ في الكَلامِ، كَمَا يَرُدُّه أنَّه لا يَصْلُحُ لمُباشَرَةِ "نِعْمَ".

يُلاحَظُ في هذه المَسْألةِ تَعَدُّدّ وُجُوه الإعْرابِ،وسَبَبُ هذا التَّعَدُّدِ هو عِبَارَةُ سَيْبَوَيْه الغامِضَةُ، وأَرَى أَنَّ الاسْتِدلالَ الذي قَدَّمَه ابنُ الباذِشِ اسْتِدْلالٌ يَدُلُّ عَلى فَهْمٍ سَديدٍ لِعَبارَةِ سِيْبَوَيْه،ويُضَافُ إلى اسْتِدْلالِه أَنَّ جُمْلَةَ المَدْحِ تامَّةُ المَعْنى، فلا تَحْتاجُ إلى التَّقْديرِ الذي ذَهَبَ إليه أَكْثرُ النُّحَاةِ في الرَّأْيِ الأوَّلِ.

دلالة (ربّ)

اسْتَعْمَلَتْ العَرَبُ (رُبَّ) للدّلالَةِ عَلى العَدَدِ،والمَقْصُودُ بالعَدَدِ هو القِيْمَةُ التي تَدُلُّ عليه مِنْ حيث القلَّةِ والكَثرَةِ، وهذا الاسْتِعْمالُ ثابِتٌ في أشْعَارِهم وأقوالِهم، واخْتَلَفَ النُّحَاةُ في القِيمَةِ التي تَدُلُّ عَلَيهِ (رُبَّ) ،واخْتِلافُهُم مَحْصُورٌ في دَلالَتِها على القَلِيلِ أو الكَثيرِ (٣) .

وذَهَبَ ابنُ الباذِش إلى أنَّه لا يُمْكِنُ تَحْديدُ القِيمَةِ التي تَدُلُّ عَليه سَواء كانت قلَيلَةً أو كثيرةً، فهي مَجْهولَةٌ مُبْهَمَةٌ مِنْ هذه الناحِيَةِ (٤) ،وتَابَعَه في هذا الرَّأيِ ابنُ طَاهِر (٥) .


(١) انظر المقرب ٧٣.
(٢) انظر الأشموني ٣/٣٧، وشرح التصريح ٢/٩٧.
(٣) انظر ارتشاف الضرب ٢ /٤٥٦،والهمع ٤/١٧٥،والمسائل والأجوبة (ضمن كتاب رسائل ونصوص في اللغة والأدب) ٢٣٣.
(٤) انظر ارتشاف الضرب ٢/٤٥٦،والهمع ٤/١٧٥.
(٥) انظر ارتشاف الضرب ٢/٤٥٦،والهمع ٤/١٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>