للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فحال المسلم مع هذا الحكم وأمثاله كحال المريض الذي وصف له الطبيب علاجاً ودواءً فيه مشقة عليه، كأن يصف له شراباً كريه المذاق، أو ينصحه بإجراء عملية جراحية فيها ألم ومشقة، فهو يكره هذا الدواء، لكنه راض عن وصف الطبيب له هذا العلاج، فيكره نفسه عليه، وقد يضعف عن تحمله فيتركه، مع معرفته أن فيه شفاءه، واعترافه بأن فيه نفع له لما يعلم من مهارة هذا الطبيب ونصحه له، وبهذا يجمع بين محبته للمعصية أو كرهه للطاعة طبعاً، وبين رضاه بتقدير الله تعالى وشرعه ومحبته له. ينظر تفسيري البغوي والقرطبي للآية (٢١٦) من سورة البقرة، والمفردات ص٤٢٩، ومدارج السالكين ٢/١٨٣،١٨٢، النواقض الاعتقادية ٢/١٧٧-١٧٩، وينظر التعليق السابق.

وقد اختلف أهل العلم فيما إذا قال: أتمنى أن الله لم يوجب هذا الواجب أو لم يحرم هذا المحرم، فقيل: يكفر، وقيل: لا يكفر. ينظر روضة الطالبين ١٠/٦٩،٦٨، الإعلام بقواطع الإسلام ص٦٣، والأقرب أنه إن كان يتمنى أن هذا الواجب كان مسنوناً ليسلم من إثم تركه، أو أن هذا المحرم كان مكروهاً ليسلم من إثم فعله لضعفه عن تركه، مع إقراره بأن ما شرعه الله هو الحق والحكمة، لكن خشي من الإثم فلعله لا يكفر، أما إن كان يتمنى ذلك كرهاً لهذا الحكم الشرعي؛ لأنه يحول بينه وبين شهواته، أو لأن إخلاله بهذه الحكم قد يسبب له عقوبة عاجلة من ولي الأمر، أو أنه يرى أن هذا الذي تمناه أنفع للخلق ونحو ذلك، فهذا الأقرب أنه يكفر. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>