وقال شيخ الإسلام في رسالة المحبة ص١٠٤:"إذا كان أصل الإيمان صحيحاً، وهو التصديق، فإن هذه المحرمات يفعلها المؤمن مع كراهته وبغضه لها، فهو إذا فعلها لغلبة الشهوة عليه، فلابد أن يكون مع فعلها فيه بغض لها، وفيه خوف من عقاب الله عليها، وفيه رجاء لأن يخلص من عقابها، إما بتوبة، وإما حسنات، وإما عفو، وإما دون ذلك، وإلا فإذا لم يبغضها، ولم يخف الله فيها، ولم يرج رحمته، فهذا لا يكون مؤمناً بحال، بل هو كافر أو منافق".
وقال أيضاً في المرجع نفسه ص١٩٤،١٩٣:"لم يتنازع العلماء في أن الرضا بما أمر الله به ورسوله واجب محبب، لا يجوز كراهة ذلك وسخطه، وأن محبة ذلك واجبة، بحيث يبغض ما أبغضه الله، ويسخط ما أسخطه الله من المحظور، ويحب ما أحبه، ويرضى ما رضيه الله من المأمور. وإنما تنازعوا في الرضا بما يقدره الحق من الألم بالمرض والفقر. فقيل: هو واجب. وقيل: هو مستحب. وهو أرجح، والقولان في أصحاب الإمام أحمد وغيرهم، وأما الصبر على ذلك فلا نزاع أنه واجب".
( [٤٣] ) لا يدخل في هذا النوع أن يكره المسلم فعل واجب لمشقته عليه، أو أن يكره ترك محرم لمحبته لفعله، فإن هذا كره للفعل أو للترك، ولم يكره أن الله أوجب الواجب أو حرم الحرام، فهو كره أن يفعل هذا الواجب أو أن يترك هذا المحرم لا غير، كما قال
تعالى:] كتب عليكم القتال وهو كره لكم.. [[البقرة: ٢١٦] أي تكرهونه من حيث الطبع لما فيه من المشقة عليكم، فيكره المسلم أن يفعله بنفسه لما فيه من المشقة، من تعريض النفس للهلاك وغير ذلك من المشاق، ولكن لا يكره أن الله شرعه، بل يحب ذلك ويرضى به ويعلم أن الخير للأمة في وجوب الجهاد، وأنه ذروة سنام الإسلام.