وينظر ما يأتي من حكاية الإجماع على كفر من جحد بلسانه شيئاً من دين الله تعالى ص (١٩٠) ، وعلى كفر من سب شيئاً من دين الله أو استهزأ أوسخر به بالقول أو الفعل جاداً أو هازلاً ص (١٩٤) .
وقد أطال أبومحمد بن حزم في الفصل ٣/١٩٩-٢٠٦ في الرد على من قال: إن الكفر بالقول أو الفعل، وذكر أدلة صريحة من الكتاب والسنة والإجماع تدل على الكفر بمجرد النطق بأمر مكفر، وبمجرد فعل مكفر، وسيأتي بعض هذه الأدلة عند ذكر الأدلة على أنواع الكفر.
وهذا كله يدل على أن من قال: إن الكفر إنما يكون بالاعتقاد، وأن القول أو الفعل الذي دلت النصوص على أنه كفر ليس كفراً، وإنما هو دليل على أن في القلب كفراً، قد أخطأ خطأً كبيراً، ورد دلالة النصوص الشرعية، وخالف ما أجمع عليه أهل السنة والجماعة من سلف من هذه الأمة ومن سار على طريقهم.
وقال الإمام النووي في الروضة ١٠/٦٤:"قال الإمام – أي إمام الحرمين -: في بعض التعاليق عن شيخي: أن الفعل بمجرده لا يكون كفراً. قال: وهذا زلل عظيم من المعلق، ذكرته للتنبيه على غلطه"، وقد نقل هذا التعليق أيضاً عن إمام الحرمين ابن حجر المكي في قواطع الإسلام ص٢٣ وأيد تخطئته له.
وينظر في الرد على هذا القول أيضاً وفي بيان دلالة النصوص على عدم صحته مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ٧/٥٤٧، ٥٦١، الإيمان لشيخ الإسلام ص٤٨٤، النونية لابن القيم مع شرحها لابن عيسى ٢/١١٨،١١٧، شرح كشف الشبهات للشيخ محمد بن إبراهيم ص١٢٦-١٣٤.
ولذلك كله فإنه يجب على المسلم الذي يطلب الحق أن ينقاد لما دلت عليه النصوص ولما أجمع عليه أهل السنة والجماعة، وكون بعض أهل العلم أخطأ في ذلك فهو يرجى له أجر واحد، لإرادته الحق، ولكن لا يجوز لنا أن نقلده في خطئه. والله أعلم.