للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: السمع دل على صفة الرضا، مثل قوله - تعالى -: {لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} (١) ، وقوله: {رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} (٢) ، وغيرهما.

وقوله - (- السابق: {إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها} والعقل لاينفي هذه الأدلة وغيرها، مِمَّا يدل على صفة الرضا، فيجب العمل بالدليل السالم عن المعارض (٣) .

الرابع: إن الرجوع إلى العقل في الإثبات والنفي مخالف لما كان عليه سلف الأمة، وأئمتها، من الصحابة، والتابعين ومن تبعهم، فما منهم أحد رجع إلى العقل في ذلك؛ وإنَّما يرجعون إلى كتاب الله وسنة نبيه محمد - (-، فما أثبته الله لنفسه أو أثبته له أعلم الخلق به - (- أثبتوه، وما نفاه عن نفسه في كتابه، أو نفاه عنه الرسول - (- نفوه، مع إثباتهم ما أثبته، إثباتاً بلا تمثيل، ونفياً بلا تعطيل.

وقال الإمام أحمد - رحمه الله -: {وصفاته منه وله ولانتعدى القرآن والحديث} (٤) .

وقال الإمام الشافعي - رحمه الله -: {حرام على العقول أن تمثل الله - تعالى -، وعلى الأوهام أن تحده، وعلى الظنون أن تقطع، وعلى النفوس أن تفكر، وعلى الضمائر أن تعمق، وعلى الخواطر أن تحيط، وعلى العقول أن تعقل إلاَّ ما وصف به نفسه في كتابه أو على لسان نبيه - (-} (٥) .

وبعضهم يرى أن الرضى والسخط والكراهة المراد بها أمره ونهيه، أو ثوابه وعقابه.

أي أن الرضا هو الأمر، أو هو الثواب، والسخط هو العقاب.

وهذا مذهب الأشاعرة (٦) .

وهذا تأويل، وتكلف، لم يدل عليه دليل لا سمعي ولا عقلي، إنَّما هو تحريف للكلم عن مواضعه.

والواجب على المسلم الإيمان بصفات الله التي وصف بها نفسه، من غير تأويل، ولا تمثيل، ولا تعطيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>