للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الثالث: {لقد خضت البحر الخضم، وخليت أهل الإسلام وعلومهم، ودخلت في الذي نهوني عنه والآن إن لم يتداركني ربي برحمته فالويل لابن الجويني (١) وها أنا ذا أموت على عقيدة أمي، أو قال على عقيدة عجائز نيسابور} (٢) وغير هؤلاء كثير ممن أدرك ما وقع فيه من الخطأ والانحراف عن طريق الكتاب والسنة في هذا الباب.

موقف المعطلة من صفة الرضا ومناقشتهم:

وقد خالف الحق وجانب الصواب، وعارض الأدلة من الكتاب والسنة في صفة الرضا: المعطلة من الجهمية والمعتزلة (٣) ، ومن وافقهم، فقالوا: إن الرضا لايقوم بالله - سبحانه -، بل هو مخلوق، فرضاه عن المؤمنين ثوابه والثواب مخلوق (٤)

والجواب عن ذلك - مع ما سبق - من وجوه:

أحدها: أن هذا مفارقة للحق وأهله، من السلف، والأئمة، وأهل الفقه، والحديث، وجميع المثبتة للصفات (٥) .

ثانيها: أن الذي عليه جماهير المسلمين من السلف والخلف: أن الخلق غير المخلوق، فالخلق فعل الخالق والمخلوق مفعوله، ولهذا كان رسول الله - (- يستعيذ بأفعال الرب وصفاته كما سبق في قوله - (-: {أعوذ برضاك من سخطك} فاستعاذ برضاه والاستعاذة لاتكون إلاَّ بالله أو بصفته (٦) .

ثالثها: أن الاستعاذة كما في الحديث السابق لم تكن بمخلوق؛ لأن الاستعاذة بالمخلوق شرك، والرسول - (- إنَّما جاء يدعو إلى توحيد الله - سبحانه -، وعدم الإشراك معه، أو به غيره، بل هي رسالة الرسل جميعاً - كما سيأتي - فدل ذلك أن لله صفات، ومنها الرضا، وأنها غير مخلوقة، بل هي صفة ذاتية فعلية اختيارية، تقوم بمشيئته وقدرته.

رابعاً: ما ذكره الخلال (٧) في عقيدة الإمام أحمد بن حنبل، وهو: أن أصحاب الإمام أنكروا على من يقول: {إن الرضى مخلوق} ، وقالوا من قال ذلك لزمه أن رضا الله على الأنبياء والمؤمنين يفنى حتى لايكون راضياً (٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>