لاشك أن الله موصوف بالرضا، ورضاه - تعالى - صفة من صفاته غير مخلوقة (١) ، ومن المهم أن أشير إلى قضية مهمة في هذا قل ذكرها، هي: أن الكلام في أن الصفات مخلوقة أو غير مخلوقة: كلام حادث لم يكن في صدر الإسلام؛ لأنه من المسلم عند الصحابة والتابعين ومن اتبعهم: أن صفات الله غير مخلوقة، فلذلك ما كانوا ليخوضوا في ذلك.
فصفة الرضا غير مخلوقة، وما قيل عنها إنها مخلوقة إلاَّ بعد ظهور الجهمية وأمثالها ممن قال بذلك، فاضطر السلف - رحمهم الله - إلى المناقشة والرد على هؤلاء المبتدعة؛ لأن حقيقة قول من قال: إنها مخلوقة هو إنكار صفة الله- تعالى - وتعطيلها. لكنهم لما علموا أن قولهم رد للنصوص الشرعية، وتكذيب لها، قالوا: هي مخلوقة.
فلا يعقل أبداً أن يقال: إن صفة الرضا الثابتة بقول الله - تعالى -: {رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ}(٢) مخلوقة، فاللغة لا تساعد من قال ذلك، بل وكل الأدلة الدالة على معاني الألفاظ العقليَّة والنقلية تمنع ذلك.
وإضافة صفة الرضا إلى نفسه - سبحانه وتعالى - في آيات كثيرة تدل على اتصافه بها، وأنها غير مخلوقة، مثل:
١ - قوله - سبحانه -: {لَّقَدّ رَضي الله عَن المُؤمِنينَ إذ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا}(٣) ، فل يصح أن يقال: لقد خلق رضاه عن المؤمنين، فلا دليل على ذلك، ولا يعقل.