وصفة الرضا صفة ذاتية قائمة به - سبحانه وتعالى (١) - لاتنفك عنه.
ولا منتهى لرضاه - سبحانه -، والرضا أحب إليه من الغضب (٢) .
كما أنها صفة فعل كما في قوله - تعالى -: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}(٣) تقوم بمشيئته وقدرته، فهي صفة فعل اختيارية (٤) .
وصفات الذات وصفات الأفعال كلها كمال مطلق لله، عالية وعلية وعظيمة، وإن كان بعضهم يرى أن صفات الأفعال أدنى من صفات الذات (٥) .
والأدلة من الكتاب والسنة السابقة تدل على أنه يحصل أثر صفة الرضا في وقت دون وقت، وأنه قد يحل رضوانه ثُمَّ يسخط، كما يحل السخط ثُمَّ يرضى، وقد يحل الرضا أبداً، كما في حال أهل الجَنَّة في حديث البخاري ومسلم السابق، وفيه:{أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً} .
وقول الله - تعالى -: {لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}(٦) بين أنه - سبحانه - رضي الله عنهم ذلك الوقت؛ لأن حرف إذ ظرف لما مضى من الزمان، فعلم أنه ذاك الوقت رضي عنهم بسبب ذلك العمل وأثابهم عليه، وكما يقال: المسبب لايكون قبل سببه، والمؤقت بوقت قبل وقته.
وإذا كان راضياً عنهم من جهة، فهذا الرضا الخاص الحاصل بالبيعة لم يكن إلاَّ حينئذٍ، كما في الحديث السابق. { ... أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم أبداً}(٧) .
قال ابن تيمية - رحمه الله -: {والرضا مستلزم الإرادة، وإن لم يكن هو عين الإرادة ... ورضاه الذي يتضمن محبته ومشيئته}(٨) .
المبحث الخامس: صفة الرضا فعلية اختيارية
ومعتقد أهل السنة والجماعة أن الله - سبحانه وتعالى - موصوف بالصفات الاختيارية؛ كالرضا، والكلام، والغضب. والسخط، والإتيان، والنزول، وغيرها من صفاته - سبحانه وتعالى - التي تقوم بمشيئته واختياره.