فالرضا: صفة الله على الحقيقة، ولها معنى يميزها عن غيرها من الصفات، تعرف العرب ذلك من كلامها، كما قال ابن عباس - رضي الله عنه -: {التفسير على أربعة أوجه: تفسير تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لايعذر أحد بجهله وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لايعلمه إلاَّ الله، من ادعى علمه فهو كاذب}(١) .
فكيفية صفة الرضا وغيرها من الصفات لايعملها إلاَّ الله، ومن ادعى علم ذلك فهو كاذب.
أمَّا معناها فذلك مِمَّا يعلمه العباد من لغة العرب.
وهذا معنى ما يروى عن أم سلمة (٢) أنها قالت في قول الله -تعالى-: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}(٣) : {الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإقرار به إيمان، والجحود له كفر}(٤) .
وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن (٥) : {الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، ومن الله الرسالة ومن الرسول البلاغ، وعلينا التصديق}(٦) .
وقال مالك (٧) لمن سأل عن كيفية الاستواء: {الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة، وأحسبك رجل سوء، وأمر به فخرج}(٨) .
فكيفية الصفات - ومنها كيفية صفة الرضا - مجهولة للعباد، مع العلم بمعانيها من لسان العرب ولغتها، فالإيمان بالصفة - كما أخبر الله بها مع الجهل بكيفيتها - واجب؛ لأنه من الإيمان بربوبية الله - تعالى - كما قال الرسول - (-: {رضيتُ بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد - (- رسولاً} (٩) .