للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(سَادَ العلماءُ ولاسِيَّما زيدٌ) فجملة (لاسِيَّما [زيدٌ] (١)) حال من (العلماء) ، والمعنى: سادوا والحال أنه لا مثلَ زيدٍ موجود فيهم، أي: لا مثله في السّيادة أو في العلم، وهما متلازمان؛ إذ المعنى: سادوا لِعلْمِهم؛ لأنَّ تعليق الحكم بمشتق مؤذن بعليّة مبدأ الاشتقاق، والعلَّة والمعلول متلازمان، وعلى كلٍّ فالمرادُ أنّ زيداً [٢/أ] أفضل منهم، وإن صدق المدلول لغة بأنه انقص إلاَّ أنه غير مراد عُرْفا، ونظيره قولهم: (لا أحدَ أَعْرفُ من فُلانٍ) يريدون: أنه أعرفُ النَّاس وإن صدق بالتساوي، وكذا القول في: (أَكْرِمْ العلماءَ ولاسِيّما زيدٌ) إلاَّ أنَّك تقول هنا على المعنى الأوَّل فيما قبله ولا مثله في استحقاق الإكرام المأخوذ من قوة الكلام؛ إذْ لا يأمر عاقل بشيء إلاَّ لمن يستحقُّه، وكأنّه قيل: استحقَّ العلماءُ الإكرامَ ولا مثْلَ زيدٍ موجودٌ فيهم، أو تقول المراد: ولا مثْلَه في طلب الإكرام، المفاد من (اَفْعِلْ) ، وعلى هذا فهي حالٌ مُقَارِنَةٌ (٢) في الموضعين على المعنيين، ولك في الموضع الثاني معنى ثالث هو: أنَّ المراد لا مثلهم في الإكرام بالفعل، وعليه فهي حالٌ مُنتَظَرَةٌ (٣)


(١) ما أثبته زيادة من " أ " و " ب ".
(٢) الحال المقارنة: عرّفها الفاكهي في شرح الحدود في النحو (٢٢٩) بقوله: (هي المبينة لهيئة صاحبها وقت وجود عاملها، كراكبا من " جاء زيد راكبا ") ؛ كما عرّفت في المعجم المفصل في النحو العربي (٤٤٥) : (هي التي تلازم صاحبها فلا يختلف وقوع أحدهما عن الآخر، بل يتحقق معناها في زمن تحقق العامل، كقوله تعالى: {وَهَذا بَعْلِي شيخاً} ) [آية ٧٢ من سورة هود] . وتسمى أيضا الحال المحقَّقَة.
(٣) الحال المنتظرة: عرّفها الفاكهي في شرح الحدود في النحو (٢٣٠) بقوله: (هي التي يكون حصول مضمونها متأخرا في الخارج عن حصول مضمون عاملها ك " مررت برجل معه صقر صائدا به غدا ") ؛ كما عرّفت في المعجم المفصل في النحو العربي (٤٤٥) : (هي التي يتحقق معناها بعد وقوع معنى عاملها) ؛ كقوله تعالى في (سورة الحِجْر آية ٤٦) : {اُدْخُلوها بِسَلامٍ آمِنينَ} ومثل: (مشى الطفلُ باكراً) ، وتسمى أيضا: الحال المستَقْبَلة، والمقدَّرَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>