موطن الشاهد: "إلا النؤي والوتد". وجه الاستشهاد: ارتفاع "النؤي" على البدلية؛ لأن الكلام ليس تاما موجبا كما خرجه النحاة؛ بل هو منفي في المعنى؛ لكون "تغير"؛ وهو العامل في ضمير المستثنى منه؛ وهو المنزل في معنى عامل منفي؛ تقديره: "لم يبق حاله" كما بعدها مبتدأ محذوف الخبر؛ ومثله حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: "كل أمتي معافىً إلا المجاهرون"؛ والتقدير: ولكن المجاهرون بالمعاصي لا يعافون؛ وذهب العلماء إلى أن جملة "المبتدأ والخبر" الواقعة بعد "إلا" في محل نصب على الاستثناء؛ وقال ابن هشام: قد فات العلماء عد هذه الجملة في الجمل التي لها محل من الإعراب. انظر في هذه المسألة: شرح التصريح: ١/ ٣٤٩، وضياء السالك: ٢/ ١٦٥. ١ هو ما يكون فيه المستثنى بعض المستثنى منه، ويحكم على أحدهما بضد ما يحكم به على الآخر، سواء كان المستثنى منه متعدد الأفراد، والمستثنى أحد تلك الأفراد؛ نحو: زرت الزملاء إلا محمدا؛ أو كان المستثنى منه فردا ذا أجزاء، والمستثنى جزءًا؛ نحو: زرت الزملاء إلا محمدا؛ أو كان المستثنى منه فردا ذا أجزاء، والمستثنى جزءا من تلك الأجزاء نحو: نظفت الحجرة إلا نافذة؛ وفي الحالتين يكون ما بعد إلا مخالفا في الحكم لما قبلها. ٢ أي: في إعرابه، فيكون مثله: مرفوعا، أو منصوبا، أو مجرورا. ٣ ذلك لأن "إلا" عندهم من حروف العطف في باب الاستثناء خاصة، وهي بمنزلة "لا" العاطفة؛ من حيث كون ما بعدها يخالف ما قبلها؛ واعترض أبو العباس، أحمد بن يحيى ثعلب وهو من شيوخ نحاة الكوفة -على مذهب البصريين، في هذه المسألة، وقال: كيف يكون ما بعد "إلا" بدلا؛ وهو موجب ومتبوعه منفي؛ فكأنه ينكر أن يخالف البدل المبدل منه في الإيجاب والنفي؛ ورد عليه أبو سعيد السيرافي: بأنا إنما جعلناه بدلا مما قبله في عمل العامل فيه، وتخالف البدل من المبدل منه في النفي والإيجاب، لا يمنع البدلية؛ لأن سبيل البدل، أن يجعل المبدل منه، كأنه لم يذكر، ويجعل البدل في موضعه؛ لأنه هو المقصود بالحكم، ثم إنا رأينا التوابع تختلف مع متبوعها في النفي، والإثبات، كما في: "رأيت رجلا كريما لا بخيلا" فما يمنع أن يكون البدل مثل الصفة والعطف؟!. وانظر شرح التصريح: ١/ ٣٤٩-٣٥٠.