موطن الشاهد: "دلوي دونك". وجه الاستشهاد: استشهد الكسائي بهذا البيت على أن "دلوي" مفعول به منصوب باسم الفعل المذكور بعده؛ وادعى أن اسم الفعل يعمل متأخرا، كما يعمل متقدما؛ وهذا غير صحيح -عند جمهور النحاة- لأن "دلوي" إما أن يكون مفعولا لفعل محذوف، أو مبتدأ؛ كما بينا في الإعراب. ١ قيل في تأويل الآية: "كتاب" مصدر منصوب بفعل محذوف؛ وهو مؤكد لنفسه؛ لأن قوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} يدل على أن ذلك مكتوب. "عليكم" متعلق به؛ وبالفعل المحذوف؛ لا اسم فعل؛ والتقدير: كتب الله عليكم ذلك كتابا. فحذف الفعل، وأضيف المصدر إلى فاعله؛ أما تأويل البيت: "فدلوي" مبتدأ لا مفعول مقدم. "دونكا": اسم فعل أمر، وفاعله مستتر فيه. و"الجملة": خبر المبتدأ، والعائد محذوف؛ أي: دلوي دونكه. ووقوع خبر المبتدأ جملةً طلبية سائغ عند الجمهور. هذا؛ واسم الفعل لا يعمل محذوفا على الاصح؛ خلافًا لابن مالك. ولا تلحقه نون التوكيد مطلقا. وفاعل اسم الفعل الماضي يكون في الغالب اسما ظاهرا؛ وضميرًا للغائب مستترا جوازا. أما اسم الفعل المضارع والأمر؛ ففاعلهما في الغالب: ضمير للمخاطب مستتر وجوبًا. ولا يكون الفاعل في هذا الباب ضميرا بارزا. انظر: قطر الندى: "تحقيق عبد الحميد: ٢٥٨"، والتصريح: ٢/ ٢٠٠، والدرر اللوامع: ٢/ ١٣٨-٠١٣٩. ٢ التنكير خاص بالمرتجل من أسماء الأفعال؛ أما المنقولة، فلا تنون لاستصحابه الأصل؛ وهو غير منون. اعلم: أن التنكير راجع إلى المصدر الذي هو أصل ذلك الفعل -لا إلي اسم الفعل- لأن الفعل لا يحكم عليه بتعريف ولا بتنكير؛ فـ "صه" بمعنى: اسكت -منونا- يراد به طلب السكوت عن كل الكلام. و"صه" مجردا من التنوين: معناه اسكت عن هذا الموضوع الخاص المعروف لنا، مع جواز التكلم في غيره.