ويذكر شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في موضع آخر أنّ الذي أوجب دليل الأعراض وحدوث الأجسام هم متأخرو الأشعريّة؛ كالجوينيّ، فيقول رحمه الله: "وبالجملة: فإنه وإن كان أبو المعالي ونحوه يوجبون هذه الطريقة، فكثير من أئمة الأشعريّة، أو أكثرهم يُخالفونه في ذلك، ولا يُوجبونها، بل إمّا أن يُحرّموها أو يكرهوها أو يبيحوها وغيرها، ويُصرّحون بأنّ معرفة الله تعالى لا تتوقّف على هذه الطريقة، ولا يجب سلوكها. ثمّ هم قسمان؛ قسم يسوقها ويسوق غيرها ويعدّها طريقاً من الطرق، فعلى هذا إذا فسدت لم يضرّهم. والقسم الثاني يذمونها ويعيبونها ويعيبون سلوكها، وينهون عنها؛ إمّا نهي تنزيه، وإما نهي تحريم". نقض التأسيس لابن تيمية ٢/١٥. وهؤلاء الذين يقولون إنّ معرفة الله لا تتوقّف على طريقة الأعراض، ولا يوجبونها، أو الذين ينهون عنها هم من متقدّمي الأشعريّة.. أمّا متأخروهم، فكلهم على أنّها أصل الدين، ولا يُعرف الله إلا بها. وطريقة الأعراض وحدوث الأجسام هذه مأخوذة عن الجهميّة والمعتزلة؛ فهم الأصل فيها، وعنهم انتشرت، وإليهم تُضاف.. كما نصّ على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في درء تعارض العقل والنقل ٧/٢٠٩.