للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويولي النعم وليها، ويأتي بالركاب أتيّها، حتى تغص بالنعم تلك الرحاب، ويظن لعموم ذي البلاد الشامية أن نيل مصر ركب إليها على السحاب.

ومنه قوله في مثله:

صدرت، ونعم الله قد عمت، وآلاؤه مع تحقق المزيد قد تمت، والسيل قد بلغ في تتبع بقايا القحط الربى، والنيل قد عمّ بنيله حتى كلل مفارق الآكام، وعمم رؤوس الربى، وحمى الأرض من تطرق المحول إليها فأصبحت منه في حرم، وظهرت به عجائب القدرة، ومنها أن ابن ستة عشر بلغ إلى الهرم، وبث جوده في الوجود، فلو صور نفسه لم يزدها على ما فيه من كرم «١» ، وتلقت منه النفوس أبهج محبوب طرد ممقوتا، ووثقت من حمرته بالغنى والمنى، إذ لم يدر أياقوتا يشاهد أم قوتا، وجرى في الوفاء على أكمل ما ألف من عادته، وظهر بإشراقه وعموم نفعه، ظهور الشمس، فألقى على الأرض أشعة سعادته، وبلغ الله به المنافع فزعزع الجبال الشم ولم يتجاسر على الجسور، وأقطع الخصب الأرض كلها، فله كل بقعة مثال مرأى ومنشور منشور، وبعث إلى كل عمل من سراياه جنوده عارضا مغضبا على المحل، ما يخطر إلا وسيفه مشهور، وجرى الأمر في التحليق على عوائد السرور، وعلقت ستارة المقياس لا للإخفاء على عادة الأستار بل للإشاعة والظهور، واستقر حلم المسرة على السنن المعهود، وعاذ الناس به عند مرورهم إذ ذاك برحمة الله يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ

«٢»

وها هو الآن يرفع إلى كل تلعة على جناح النجاح، ويخيف السبل وما عليه حرج، ويقطع الطرق وليس عليه جناح.

<<  <  ج: ص:  >  >>