حليها التي فصلت، وأنه ادعى لنا بهذه النسبة التي تثنت بالقبول أحكامها، وتقضى بانتساج الأواصر حكامها، وقد علم بذلك جميعه، وأفضنا في شكره، وأفضينا إلى غاية الثناء الجميل عند ذكره، وسررنا ببلوغ الوطر وحصول الظفر، وتفاءلنا أنه كذلك ينزل على حكم سيوفنا كل من كفر، وقابلنا ذلك بوجه القبول المبتهج، وأمضينا حكم هذا الانتماء الملتحم والانتساب الممتزج، ومن أولى منه بهذا الفخر الذي انتضمت عقوده، وتقابلت في أفق مجده سعوده؛ فليأخذ حظه من بشرى هذا القبول وبشره، حبرة خبره الذي يتضوع الوجود بنشره، والله تعالى يجعل مطالبه مقرونة بالنجاح، قادمة إليه بأنباء السعود على أوثق قوادم وأثبت جناح.
ومنه قوله في النيل:
وأجرى الخلق على عوائد كرمه، وأجرى لهم بقدرته من حجب الغيب مواد نعمه، وأعلى لديهم موارد نيلهم، حتى ما كان يشرب معروق ساقه من نيلهم بتناول الماء بفمه، وأمر البحر فأقبل بالفرج القريب من الأمد البعيد، وأذن له في الرفع عن محله، فسجد على الترب شكرا وتيمم الصعيد، وإن لم يبق به الآن على وجه الأرض صعيد، وأقبل بعد تقصير عامه الماضي بوجه عليه حمرة الخجل، وعزم سبق سيفه إلى المحل العذل بالأجل، وحزم أدرك الجدب موجه قبل أن يقول سآوي إلى جبل، واستظهار على كل ما علا من الأرض حتى إن الهرمين باتا منه على وجل، ومهد الأرض التي كانت ترقبه فهوّلها المنظر على الحقيقة، ووطئ بطن الثرى فنتج الخصب بينهما، وذبح المحل في العقيقة، وتجعد على الآكام فخيل للعيون أنها تسيل، وشيب مفارق الثرى ببياض زبده، وعادة بياض الشيب أن يخضب بورق النيل، فيستقبل نعم الله التي سيسم الأرض وسمها،