وقد أخبر يحيى أنَّه لقي ثلثمائة وثلاثة وستين عالما، سوى التَّابعين، وهم أربعة وعشرون وامرأة تحدّث عن عائشة.
ولا نعتقد أن في هذا الخبر مبالغة، فإنّ من ينظر في التَّفسير الَّذي ألَّفه يحيى ابن سلاّم يتبيَّن مدى صدقه.
ولعلّ هذا التَّعدّد في الشّيوخ يرجع إلى ناحيتين:
١- كثرة ترحال ابن سلاّم. فكلّ بلد دخله روى عن شيوخه. فقد روى عن شيوخ من الكوفة، مثل يونس بن أبي إسحاق (ت ١٥٩/٧٧٥) .
ومن البصرة، مثل أبي الأشهب (ت١٦٥/٧٨١) .
ومن الشام، مثل عبد الرحمن بن يزيد (ت١٥٣/٧٧٠) .
ومن مكة، وعلى رأسهم مالك بن أنس (ت١٧٩/٧٩٥) .
ومن مصر، مثل عبد الله بن لهيعة (ت١٧٤/٧٩٠) .
ومن إفريقيَّة، مثل عبد الله بن فرّوح (ت١٧٦/٧٩٢) .
٢- عدم تقيّده بشروط اشترطها فيمن روى عنهم. فهو يروي عن الثِّقة الَّذي لا مغمز فيه، كسفيان الثوري أمير المؤمنين في الحديث. ويروي عن الضعفاء كالحارث بن نبهان (ت بين ١٥٠ - ١٦٠/ ٧٦٧ - ٧٧٦) ، وبحر بن كنيز السَّقَّا (ت١٦٠/٧٧٩) الذي اتَّفق علماء الحديث على ضعفه. كما يروي عن أصحاب الأهواء والمتَّهمين أمثال إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى (ت١٨٤/٨٠٠) الذي سئل عنه مالك أكان ثقة؟ فقال:"لا، ولا ثقة في دينه". وكان قدريا معتزليّا جهميا كلّ بلاء فيه.