وما بدد، وأنشأ في كثير من المعاهد مكتبات أخرى، ولما عاد إلى التدريس بالأزهر عمل على إحياء العربية الفصحى، وآدابها فاستعملها في دروسه، وخطبه وأحاديثه، وسعى لدى ديوان الأوقاف حتى قرر مبلغ مائة جنية مكافأة لأحد العلماء لتدريس أدب اللغة العربية الفصحى في الأزهر١ هذا، وقد غرس في نفوس تلامذته النابهين حب إصلاح الأزهر، والنهوض به، فقاموا من بعده على رسالته، وكان مجد الأزهر الحديث من جهدهم وسعيهم، فجزاه الله وجزاهم أبلغ الجزاء.
أدب الشيخ محمد عبده:
كان أدب الشيخ محمد عبده حلقة اتصال بين عهد الضعف والانحلال، والفراغ من المعاني والتخاذل، والتهالك على الصنعة اللفظية الذي كان طابع الفترة الأدبية الأولى من هذا العصر، وعهد القوة والجزالة، والتملؤ من المعاني، والاحتفال بالموضوعات، والإعراض عن الصنعة.
وأدب الأستاذ الإمام في جملته قد تدرج في مراحل مختلفة كان لكل منها صبغة خاصة.
ففي المرحلة الأولى:
حين كان شابا حدثا يختلف إلى دروس الطلب في الأزهر بدأ في أسلوبه السجع مع ركاكة، وتكلف وخضوع للاصطلاح العلمي كما بدت فيه آثر الكتب الأزهرية القديمة التي تظهر في تعبير القدماء والمناطقة، ويتضح ذلك في مقالته الأولى المنشورة بجريدة "مصر"، تحت عنوان فلسفة التربية إذ يقول متحدثا