وكذلك لا نسخ في العقائد التي شهدت بصحة أصولها العقول؛ لأن العقل لا يناقض نفسه. كما لا نسخ لأصول العبادات والفضائل الأخلاقية والأحكام المؤبدة؛ كقوله صلى الله عليه وسلم:"الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة".
٤- النسخ شرعًا: هو الخطاب الشرعي الدال على ارتفاع الحكم الثابت بالخطاب الشرعي المتقدم على وجه، لولاه لكان ثابتًا به مع تراخيه عنه١.
فهنا قيود:
القيد الأول: أن المنسوخ حكم، فيخرج ما ليس بحكم؛ كالوعد والوعيد؛ إذ المراد بالحكم الحكم التكليفي.
القيد الثاني: أن يكون شرعيًّا، فلا نسخ للبراءة الأصلية؛ لأنها ليست بحكم شرعي. فإيجاب الصلاة على المسلم لا يقال: إنه نسخ براءة ذمته قبل وجوب الصلاة عليه.
وكذلك لا نسخ للأحكام اللغوية أو العقلية؛ لأن النسخ يقع على الحكم الشرعي فقط.
القيد الثالث: أن يكون الناسخ خطابًا شرعيًّا، فلا نسخ بالموت أو رفع التكليف بسبب الجنون؛ لأن كلًّا من الموت والجنون ليسا خطابين شرعيين.
القيد الرابع: صلاحية الحكم المنسوخ للعمل به وقت التكليف به، فيخرج بذلك العبث.
القيد الخامس: أن يتأخر الناسخ عن المنسوخ بمدة يمكن العمل فيها بالمنسوخ، وإلا فإن الحكم الذي لم يتمكن العمل به هو والعدم سواء.
١ أصح تعريفات النسخ ما ذكره الحافظ ابن حجر: رفع تعلق حكم شرعي بدليل شرعي متأخر.