"لما كانت مبادئ التربية الإسلامية مستوحاة من الكتاب والسنة كان من المحتوم بُعدها عن الخيال والتخبط، وسلوكها منهجا عمليا واقعيا يناسب الفطرة الإنسانية، ويلائم الظروف والإمكانات المتاحة لكل من الفرد والمجتمع؛ فالله سبحانه وتعالى لما شرع للإنسان المسلم أسس دعائم المنهج التربوي في الإسلام أرساه على شكل قواعد متينة تحقق أهدافا واقعية ممكنة التطبيق في عموميتاتها في كل زمان ومكان.
تعتبر مبادئ التربية الإسلامية الواقعية أبعد ما تكون عن مجرد شعارات ترفع وتردد كما هو الحال في كثير من الفلسفات التربوية الوضعية كما أنها أبعد ما تكون عن المثالية التي لا إمكانية لتطبيقها في واقع الحياة.
فالتربية الإسلامية منهجا ومبادئ هي أقرب ما تكون قابلة للتطبيق في ظل ظروف المجتمع الفاضل الصالح المتماسك والقائم على أساس من الدين والأخلاق والذي يتحقق في أجوائه العدل والتعاون بين مختلف فئات المجتمع وأفراده.
لعل في خاصية الواقعية التي تميز الفكر التربوي الإسلامي ما يجعل الأخلاق الإسلامية متمشية مع إمكانات الإنسان البشرية، ومسايرة ومطابقة تماما لفطرته السلمية، ومن مظاهر هذه الواقعية التوفيق بين مطالب الروح الجسد معا، وعدم تكليف الإنسان ما لا يطيق أو يفوق قدراته وإمكاناته"١.