للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

العارفين» (١)، أو كما قال، فجعل القلوب من الأواني.

وفي الجملة: وكل ظرف آنية، والإناء مشتق من أنِيَ يَأنَى (٢)، كَرضِي يَرْضَى (٣)، إذا ثبت واستقر، سُمِّيَ الإناء إناءً لأنه يستقر فيه الماء والطعام وغير ذلك، فإذا عرفت ذلك فكن الحاكم الفيصل هل يكون القنديل إناءً أم لا؟

وقوله: (والذي حرَّمَ اتخَاذها إنَّما حرَّمَ ذلك لأن النفس تدعو إلى الاستعمال المحرم). فيه أنه قد يقول المحرم: إن هذا إثباتٌ عَلَيَّ فيما لم أُرِدْ ولم أقْصِدْ، وإنَّمَا حرَّمتُ ذلك لتحريم الشارع استعمالَه سواء دعت النفس/٥٤٠ إلى استعماله أم لم تدع.

ثم قال: (وقد رأيتُ في القناديلِ شيئاً آخر، فإنه وَرَدَ في الحديثِ في أرواحِ الشهداءِ تأوي إلى قناديلَ معلَّقةٍ بالعرشِ (٤)، ولعل من هنا جعلت القناديل في

المساجد، وإلا فكان مِسْرَجَةٌ (٥) تكفي أو مسارجٌ).

وهذا من كلام المتصوفة، ولو كان لذلك أصلٌ وَوَجْهُ مُنَاسَبَةٍ لكان أولى الناس بفعله النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون والسلف، وإنما تعليق القناديل في


(١) قال الزبيدي: (…قال صلى الله عليه وسلم: «إن لله أواني في أرضه وهي القلوب، وأحب القلوب إلى الله أصفاها وأصلبها وأرقُّها» قال العراقي: رواه الطبراني في حديث أبي عقبة الخولاني، إلا أنه قال: «ألينها وأرقها» .... ولفظ حديثه: «إن لله تعالى آنية من أهل الأرض، وآنية ربكم قلوب عباده الصالحين، وأحبها إلى الله ألينها وأرقها» وفي إسناده بقية بن الوليد وهو مدلس، لكنه صرح بالتحديث فيه). إتحاف السادة المتقين للزبيدي ٦/ ٢٠٩، و المغني عن حمل الأسفار للعراقي ٢/ ١٧٣ - ٣/ ١٤.
(٢) القاموس (أنِيَ) ص ١٢٦٠.
(٣) القاموس (رضِيَ) ص ١٢٨٨.
(٤) أخرجه مسلم من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه في الإمارة، باب بيان أن أرواح الشهداء في الجنة، وأنهم أحياء عند ربهم يرزقون، رقم:١٨٨٧،٣/ ١٥٠٢.
(٥) المسْرَجَةُ: مايوضع فيها الفتيلة والدهن للإضاءة. اللسان (سرج) ٢/ ٢٩٧.