للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ثم مُتعلَّقُ الأمرِ عامٌّ، وهو: الزائرونَ، والمزورُونَ، والزيارةُ، وزمنُ ذلكَ، ومكانُه، وإذا تقرَّرَ ذلكَ في كلِّ قبرٍ، كان في حق قبرِ سيِّدِ المرسلين (١)، وخيرِ الخلائقِ أجمعين، وخاتم النبيين أجْدَرُ وأَوْلى، وأخلقُ وأَحْرى، بل من بابِ ألزمَ وأوجبَ (٢).

الثاني: ما رُوِّيناهُ من عندهما (٣) أيضاً، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: زارَ رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم قبرَ أُمِهِ، فبكى وأبكى مَنْ حولَه، فقال: «اسْتَأْذَنْتُ ربي أن أَسْتَغْفِرَ لها، فلم يُؤْذَنْ لي، واسْتَأْذَنْتُه في أَنْ أَزُورَ قَبْرَها، فأَذِنَ لي، فَزُوروا القُبُورَ؛ فإنَّها تُذَكِّرُ المَوْتَ» (٤).

وفي هذا ثبوتُ فعله صلّى الله عليه وسلّم بقول الصحابي رضي الله عنه، وحصولُ الإذنِ الربانيِّ بالوحيِ الصادقِ.

وفيه: النصُّ على عِلَّةِ الحُكْمِ بوصفٍ مناسبٍ، ومتى ذكرَ الشارعُ حكماً ونصَّ على تعليلهِ بوصفٍ مناسبٍ، كان ذلك الوصفُ دليلاً شرعياً في ثبوتِ /٢٠ ذلكَ الحكمِ، وفي ذلك المحل، وفي غيره: شخصاً، ونوعاً، وجنساً.


(١) نعم زيارة القبور مستحبة دون شد الرحال؛ إذ قد نهي عنه كما سبق.
(٢) الزيارة للمسجد للاستحباب وليست للوجوب، وأما إطلاق الزيارة على السلام على النبي صلى الله عليه وسلم فقد كره الإمام مالك وغيره أن يقال: زرت قبر النبي صلى الله عليه وسلم. ومالك أعلم الناس بهذا الباب فإن أهل المدينة أعلم أهل الأمصار بذلك، ومالك إمام أهل المدينة، فإن كان في هذا سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها لفظ زيارة قبره لم يخف ذلك على علماء أهل مدينته وجيران قبره صلى الله عليه وسلم، كما حكاه شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى ٢٧/ ١٦٢.
(٣) مسلم والترمذي.
(٤) أخرجه مسلم، في الجنائز، باب استئذان النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل في زيارة قبر أمه، رقم:٩٧٦، وأبو داود في الجنائز، باب في زيارة القبور، رقم:٣٢٢٦، والنسائي، في الجنائز، باب زيارة قبر المشرك ٤/ ٩٠، والحديث لم يخرجه الترمذي. انظر تحفة الأشراف ١٠/ ٩٢، رقم ١٣٤٣٩.