للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خرست جوانبه ولج ظلامه ... يا ليل مالك بالدجى ملجاجا

وله فيه قصيدة أخرى طويلة حين وفاته وفيها يقول:

يا قوم من أبكى ومنذا الذي ... أنعى إليهم بالأسى ذاهلًا

أنعى أخا العمر شقيق الصبا ... هيهات قد ولى الصبا حافلا

من لمضيم لم يجد موئلا ... من ليتيم لم يجد عائلا

من للتي تحت سواد الدجى ... يزري أساها دمعها إلهامًا

ما بين أطفال كزغب القطا ... ما كسيت رفًا ولا طائلا١

عودها عبد العزيز الندى ... ترجو لديه غيثها الثاملا٢

دار العلوم احتسبي فقده ... نجمًا هوى تحت الثرى أفلا

أرسلته نحو العلا فانبرى ... لأواهن العزم ولا واهلا٣

يغريه بالبأساء حب العلا ... يلذ فيها الموقف الهائلا

سائل به "برلين" إن شئت أو ... لندن أو باريس أو نابلا

وأسأل به "جيرون" أو أختها ... فروق وسائل به كابلا٤

كل له فيها مقام على الـ ... إسلام لم تعدل به عادلًا

مجاهد في الله لم يرتقب ... من أحد برًّا ولا نافلا

ويؤسفني أن يضيق المقام عن إثبات هذه القصيدة كلها هنا؛ لأن ما اخترته منها ليس بخيرها، وهو غير مرتب؛ لأنها كسائر شعره في الرثاء من عيون القصائد، وإن كانت معانيه كلها قديمة، ولكن عاطفته وحسن تصويره لمواقف الحزن، وإشادته بمآثر المرثي تضفي على القصيدة روحًا جديدة. ولعلك تلحظ أنه


١ الرف. صغار الريش، والطائل: القدرة والرغد من العيش.
٢ الثامل: من ثمل قومه بمعنى أغاثهم وأطعمهم، وسقاهم وقام بأمرهم.
٣ الواهل: الفزع.
٤ جيرون: موضع عند باب دمشق، وفروق: اسم القسطنطينية.

<<  <  ج: ص:  >  >>