للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد اعتنق تلاميذ محمد عبده هذه الفكرة وعلى رأسهم سعد زغلول، ولطفي السيد وحافظ إبراهيم١. ثم جاءت النهضة القومية على يد مصطفى كامل٢ ودعا إلى الأخذ بأساليب الرقي والنهوض مع وجوب التخلص من الأجنبي وشرور الاحتلال، ولكنه اتفق مع تلامذة محمد عبده على وجوب العناية بكل ما يرقى بهذه الأمة صناعيًّا وعلميًّا، وتجاريًّا، وحربيًّا حتى تكون في درجة تمكنها من المحافظة على استقلالها، إن نالته أو المطالبة به عن جدارة إن لم تكن قد أخذته.

أنتج كل هذا رغبة شديدة في تقليد الحياة الأوربية مادية ومعنوية، وتطرف بعض الدعاة إلى هذا التقليد ونادوا بنفض أيدينا من الماضي جميعه وأخذنا عن أوربا كل شيء حسنًا أو قبيحًا، ماديًّا ومعنويًّا، واعتدل بعضهم، ونادى بأن نجح بين محاسن تقاليدنا، ومحاسن المدينة الأوربية٣. ومهما يكن من أمر فمن أبرز الظواهر في أخريات عهد الاحتلال وعهد الاستقلال الاهتمام الزائد بالإصلاح الاجتماعي في كل مرافق الحياة، والحياة في الغالب تهدف إلى أن تكون على نمط أوربا لكثرة إعجابنا بها؛ ولأنها صاحبة السيطرة العلمية والمادية اليوم، وتجد لهذه النغمة صدى في أقوال الشعراء فهم لا يملكون إلا الإعجاب بحاضرة الغرب، ويحثون قومهم على السعي في اللحاق به، فهذا حافظ إبراهيم يقول:

أي رجال الدنيا الجديدة مُدُّوا ... لرجال الدنيا القديمة باعًا

وأفيضوا عليهم من أياديـ ... كم علومًا وحكمة واختراعًا

كل يوم لكم روائع آثا ... ر توالون بينهن تباعًا

كم خبلتم عقولنا بعجيب ... وأمرتم زمانكم فأطاعا٤


١ راجع تراجم شرقية وغربية لهيكل ٢٠١، وراجع كذلك الإسلام والتجديد في مصر للدكتور تشارلس آدمز ترجمة عباس محمود ص ٢١٤.
٢ راجع مصطفى كامل لعبد الرحمن الرافعي ط. ثانية ص ٣٠٧.
٣ تراجم شرقية وغربية لهيكل ص ١٥٠، والإسلام والتجديد لآدمز ص ٢١٦.
٤ ديوان حافظ إبراهيم ج ١ ص ٢٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>