للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستقرت عزائمهم لمناهضة الاحتلال نفسه، وهم الذين أثاروا مصر وقادوها في الجهاد، وكسبوا لها النظام: الديمقراطي، والحياة المستقلة"١ وهم الذين قادوا حرية الفكر بمصر، ووجهوا الأدب والدراسات الأدبية وجهة حديثة.

ويقول العقاد في هذه المدرسة الحديثة التي تأثرت بالأدب الإنجليزي: "فالجيل الناشئ بعد شوقي كان وليد مدرسة لا شبه بينها وبين من سبقها في تاريخ الأدب العربي الحديث، فهي مدرسة أوغلت في القراءة الإنجليزية، ولم تقصر قراءتها على أطراف من الأدب الفرنسي، كما كان يغلب على أدباء الشرق الناشئين في أواخر القرن الغابر، وهي على اتصالها في قراءة الأدباء والشعراء الإنجليزية لم تنس الألمان والطليان والروس والأسبان، واليونان، واللاتين الأقدمين "عن الإنجليزية طبعًا" ولعلها استفادت من النقد الإنجليزي فوق فائدتها من الشعر وفنون الكتابة الأخرى، ولا أخطئ إذا قلت: إن "هازلت" هو إمام هذه المدرسة في النقد؛ لأنه هو الذي هداها إلى معاني الشعر والفنون، وأغراض الكتابة ومواضع المقارنة والاستشهاد٢، وسنعود إن شاء الله إلى هذه المدرسة، وتبيان خصائصها وإلى أي حد جدت في شعرنا الحديث.

وليس معنى هذا أن نفوذ الثقافة الفرنسية بمصر قد زال أمام قوة الثقافة الإنجليزية، فإن كثيرًا من المعاهد المصرية لا تزل تعني باللغة الفرنسية عناية زائدة، وتدرس بها كثيرًا من المواد كالحقوق والتجارة، وبكلية الأدب قسم خاص للغة الفرنسية، ولا يزال الإقبال على الدراسة بفرنسا قويًّا، يقصدها كثير من الطلبة الحكوميين لدراسة الطب والحقوق والفلسفة والآداب، وترسل الحكومة بعض بعثاتها، لدراسة القانون والفلسفة، واللغة الفرنسية٣.

ولعلك رأيت أن الحال في مصر منذ الاحتلال الإنجليزي حتى اليوم قد تغير


١ مستقبل الثقافة في مصر ص ١٣٠.
٢ شعراء مصر وبيئاتهم في الجيل الماضي ص ١٩٢.
٣ لقد تغير الوضع بالنسبة لفرنسا منذ العدوان الثلاثي سنة ١٩٥٦ وألغيت اللغة الفرنسية من المدارس الثانونية ابتداء من العام ١٩٦١- ١٩٦٢. ثم تقرر إعادتها ابتداء من العام الدراسي ١٩٦٤- ١٩٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>