للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحتى لو أننا حاولنا أن نعمل حساب الشروط التي تحرر طاقة القوانين الصوتية ومدى انتشارها وتسمح بتفسير الحالات التي ظاهرها الشذوذ على أنها أحداث طبيعية، فإننا لا ننجح دائما في تجنب جميع الصعاب، لأن منها ما هو لاصق بالطريقة نفسها. ولأن القانون الصوتي من جهة أخرى لا يعطينا إلا معلومات ناقصة عن طبيعة التغير الذي يسجل نتيجته، وليس هو بعد كل هذا إلا حلا وسطا يلخص عمليات مختلفة معقدة.

يجب في التغيرات الصوتية أن تميز تلك التي تحدث بالاستبدال من تلك التي تحدث بالتطور. فهناك تطور عندما يتحول صوت إلى صوت من تلقاء نفسه بطريق التجديد الطبيعي. ففي فرنسية الإبل دي فرانس١، نرى الـ"e" اللاتينية "فتحة مماثلة" وهي الطويلة المقفولة قد صارت على التوالي we "وي" ثم wa "تكتب اليوم oi وفقا لرسم قديم أصبح منذ القرن الثالث عشر لا يمثل النطق تمثيلا صحيحا". فنحن ننطق lwa "لوا و rwa وروا و pwar بوار" و lwar "لوار" الكلمات التي تكتب loi "قانون" و roi "ملك" و poire "كمثرى" و loir "حيوان قارض". هذا هو النطق الطبيعي في باريس. فإذا سمع هذا النطق في لهجات بعض الأقاليم النائية، فذلك ناشيء في غالب الأحيان استعارة من كلام باريس وليس تجديدا طبيعيا في هذه اللهجات. وبرهان تلك الحقيقة موجود في ذاك الكلام نفسه الذي لا يزال يحتفظ بنطقه الطبيعي في صورة أقدم عهدا أو في كلمات خاصة متفرقة: فمثلا قد نسمع في إحدى لهجات الريف. un ler "لير" بدلا من loir "لوار" إلى جانب كلمة une poire "بوار". فنطقه. "بوار" على هذا النحو من عمل المحاكاة، يعني الاستعارة٢.

أهمية الاستعارة فيما يتعلق بالتغيرات الصوتية تتجلى في تكوين جميع اللغات الأدبية. فمن عمل الاستعارة ما نراه في لهجة ألمانيا الشمالية من استبدال أي ai


١ الإيل دي فرانس: مقاطعة فرنسية قديمة كانت تشمل باريس والمقاطعات المحيطة بها المعربان.
٢ عن طابع الاستعارات في اللهجات انظر جرامون، رقم ٧، مجلد ١٠، ص٢٩٣ وتراشيه Terracher، رقم ١٢٤، المقدمة.

<<  <   >  >>