الكلمة، وإلا لتعذر عليهم الكلام بسلاسة تعذار تاما: بل يكف في اللحظة التي ينتقلون فيها من لغة إلى أخرى أن يزودوا أعضاءهم بنوع من التوجيه العام مرة واحدة. وإذا كانت اللغة التي يتكلمونها أليفة لهم، حصل في أعضائهم بصورة غير شعورية، نوع من التحول يجعل جميع الأصوات الصادرة تصدر على طريقة اللغة الجديدة. فمثل المتكلم بعدة لغات مثل لاعب الهرمونيوم الذي يستطيع بنقله للمشط أن يخلع على جميع الأصوات التي يخرجها قيمة خاصة. ويحس هذا الانتقال من التعب الذي يعانيه الإنسان بعد أن يتكلم شطرا من الزمن لغة لما يعتد التكلم بها تمام. لأن الأعضاء تكون قد فسرت على أوضاع جديدة تستلزم جهودا عضلية جديدة أيضا. وإذا طالت هذه الممارسة التي تفرضها عليها فإنها تعجل بإتعاب هذه الأعضاء. وأولئك الذين يودون محاكاة نطق أجنبي في كلامهم بلغتهم هم، يعرفون كذلك أنه يكفيهم الحصول على الأثر المطلوب بما يمكن أن يسمى بالتحول الصوتي؛ فما دام هذا التحول قد وقع فعلا أمكن قراءة صفحة من الفرنسية وقد بدا عليها طابع النطق الإنجليزي أو الألماني. وجود النظام الصوتي نتيجة لقانون من التوازن، إذ ينشأ بين جميع الأعضاء التي تتعاون على التصويت نوع من الاتفاق الذي بمقتضاه يميل كل واحد منها بالوضع الذي يتخذه إلى أن ينسجم مع أوضاع الأعضاء الأخرى. بل إن الاتفاق لا يقتصر على وضع الأعضاء، وإنما يتعداه إلى الاتفاق العضلي، فبعض الأصوات مثلا يلزم لنطقها نفس أكثر مما يلزم للأخرى، أو يتطلب مجهودا أعظم من حركات الأعضاء الصوتية. هذا إلى فروق الكمية ترتبط بها عادة فروق طابعية.
في الفرنسية تختلف الفتحة "a" والضمة التي ترسم "o" في الطابع بوجه عام حسب اختلافهما في الطول والقصر: فلنلاحظ مثلا اختلاف النطق بين patte, pate وبين cotte, cote؛ وبين sotte و saute إلخ ... ويوجد في الألمانية فرق مشابه بين الـe القصيرة والـe الطويلة، وبين الـo القصيرة والـo الطويلة: هكذا في Reh, stehen في مقابلة retten, stelle أو في Boden sohn في مقابلة Kommen و Gott إلخ. ويجري الحال على هذا المنوال في كثير من اللغات.