للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هناك نقابل شيئا يمكن أن يقارن في الصرف بالصيغ القوية والصيغ الضعيفة، فبين الكلمات من حيث المعنى نوع من النظام التصاعدي يحتوي على معان قوية ومعان ضعيفة. فالأولى، وهي ليست أقدم المعاني بالضرورة، تفرض نفسها على العقل بمجرد ذكر الكلمة، وتدين بقوتها إلى أهمية استعمالها، أما الثانية فتبقى في الظل لأنها نادرة الاستعمال أو خاصته، ولا بد لإخراجها من الظلام، من مساعدة كلمة أخرى تضيئها وتظهر قيمتها؛ ولكن نظام المعاني التصاعدي هذا لا شيء فيه من الإطلاق والثبات. فهو خاضع لنزوات الاستعمال جميعها، تلك التي تولد التأقلم.

ترجع أحيانا التغيرات المختلفة التي تصيب الكلمات من حيث المعنى إلى ثلاثة أنواع: التضييق والاتساع والانتقال. فهناك تضييق عند الخروج من معنى عام إلى معنى خاص مثل "pondre "يبيض" و sevrer "يفطم" و traire "يحلب""؛ وهناك اتساع في الحالة العكسية أي عند الخروج من معنى خاص إلى معنى عام مثل "chercher "يبحث عن" و gagner "يربح" و triompher "ينتصر""؛ وهناك انتقال عندما يتعادل المعنيان أو إذا كانا لا يختلفان من جهة العموم والخصوص "كما في حالة انتقال الكلمة من المحل إلى الحال أو من السبب إلى المسبب أو من العلامة الدالة إلى الشيء المدلول عليه إلخ، أو العكس". ولسنا في حاجة إلى القول بأن الاتساع والتضييق ينشآن من الانتقال في أغلب الأحيان، وأن انتقال المعنى يتضمن طرائق شتى يطلق عليها النحاة أسماء اصطلاحية "METAPHORE "الاستعارة" SYNECDOQUE "إطلاق البعض على الكل" أو METONYMIE "المجاز المرسل بوجه عام" أو CATACHRESE "المجاز المرسل بعلاقة الشبه أو غيره عند عدم وجود اسم للشيء المنقول إليه" إلخ". ونجد أمثلة منها في جميع الكتب المدرسية١، وهذا يغنينا عن بحثها هنا تفصيلا.


١ انظر خاصة درمستتير: رقم ٦٢، وبريان: رقم ٥٥. وراجع كذلك ل. كليدا: Revue de philologie francaise et provencale. مجلد ٩ "١٨٩٥" ص٤٩.

<<  <   >  >>