ولم يترك المؤلف نبيا أو صديقا أو عالما أو راوية أو شاعرًا إلا ابترك في عرضه ابتراكا ونال من شرفه وسمعته.
يقول المؤلف: إنه ليس لنا أن نتمسك بالقديم لمجرد قدمه وهو يعد أعظم مفاخر المدنية العربية في القوانين والأنظمة والعلوم والآداب قديما، يجب تركه، ولا يؤيد أقواله بدليل أو مرجع صحيح أو إسناد يعول عليه. فيقول ليس لنا أن ننبذ القديم لمجرد قدمه فما كل قديم ينبذ ولا كل جديد يؤخذ، والواجب على من رأى المصلحة في القديم أن لا يتركه ما لم تقم الأدلة على صحة الجديد وهذا ما فعلته الأمم الأوروبية فلم تترك قديمها بل فتشت فيه وبعثته وأحيت العلوم والآداب التي كانت مفاخر اليونان واتخذتها أساسًا متينًا إلى الجديد في عهد إحياء العلوم على أن معظم قديمهم أساطير وخرافات وأخبار لم يستطع أحد من علمائهم تحقيقها بيد أن قديمنا معظمه حقائق وشرائع وقوانين وآداب.
لقد طعنت في هدم العرب وتاريخهم وآدابهم قبل الإسلام وبعده١ بثلاثة قرون ولم تترك فرصة إلا اختلقت فيها غميزة ضد المدنية العربية وشرائعها وقوانينها وآدابها وتاريخها في عمد وإصرار كأنك تهدم بمعول الحقد الكمين بناء شاده أعداء لك ألداء وطعنت قبل كل شيء في الرواية والتواتر والإسناد وهي وسائل العلم والدين والأدب عند العرب في جاهليتهم وأسلافهم ولم يسبق لأحد من الباحثين أن طعن في تلك الوسائل من علماء المشرقيات الأجانب١.
١ قال ص٥١ ولكن النبي توفي بعد الفتح بقليل ولم يضع قاعدة للخلافة ولا دستورًا لهذه الأمة.