تختلف العقيدة الصوفية في صورتها الأخيرة عن عقيدة الكتاب والسنة من كل وجه من حيث التلقي والمصادر أعني مصدر المعرفة الدينية؛ ففي الإسلام لا تثبت عقيدة إلا بقرآن أو سنة لكن في التصوف تثبت العقيدة بالإلهام والوحي المزعوم للأولياء والاتصال بالجن الذين يسمونهم الروحانيين، وبعروج الروح إلى السماوات، وبالفناء في الله، وانجلاء مرآة القلب حتى يظهر الغيب كله للولي الصوفي حسب زعمهم، وبالكشف، وبربط القلب بالرسول حيث يستمد العلوم منه في زعمهم، وبلقاء الرسول في اليقظة والمنام حسب زعمهم، وبالرؤى. .، وبالجملة فالمصادر الصوفية للغيب كثيرة جدًا.
ولما تعددت هذه المصادر على هذا النحو، كانت العقيدة نفسها واسعة متطورة متغيرة مختلفة بل ومتناقضة بين صوفي وصوفي حيث كل منهم يزعم أنه يخبر بما أداه إليه كشفه هو، وما ورد على خاطره وما قاله له الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو ألقاه الملك إليه أو اطلع عليه بنفسه في اللوح المحفوظ. .
وأما القرآن والسنة فإن للصوفية فيهما تفسيرًا باطنيًا حيث يسمونه أحيانًا تفسير الإشارة، ومعاني الحروف فيزعمون أن لكل حرف في القرآن معنى لا يطلع على معناه إلا الصوفي المتبحر، المكشوف عن قلبه. . وعلى هذا الأساس كان للمتصوفة دينهم الخاص الذي يختلف في أصوله وفروعه عن الدين الذي جاء به الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهذه باختصار هي جملة عقائدهم في الله والرسول والأولياء والجنة والنار وفرعون وإبليس، وكذلك جملة اعتقاداتهم في الشرائع.