للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

من الأحكام، وذلك لأنها مثلها من حيث الإدراك بالحس الباطن. قال الشاعر:

٣٥١- أبو حنش يؤرقني وطلق ... وعمار وآونه ثالا

أراهم رفقتي حتى إذا ما ... تجافى الليل وانخزل انخزالا

إذا أنا كالذي يجري لورد ... إلى آل فلم يدرك بلالا

فهم من أراهم مفعول أول، ورفقتي مفعول ثانٍ. وإنما قيد بقوله طالب مفعولين من قبل لئلا يعتقد أنه أحال على علم العرفانية. فإن قلت ليس في قوله الرؤيا نص على المراد إذ الرؤيا تستعمل مصدر الرأي مطلقًا حلمية كانت أو يقظية. قلت الغالب والمشهور كونها

ــ

سيذكره الشارح أتى به لمجرد الإيضاح ويصح كونه مستقرا حالا من علم. قوله: "من الأحكام" أي إلا التعليق والإلغاء خلافا للشاطبي كما في التصريح وغيره. قوله: "أبو حنش يؤرقني إلخ" أبو حنش وطلق وعمار وأثالة أشخاص فقوله، أثالا مرخم في غير النداء للضرورة. يؤرقني أي يسهرني وآونة جمع أوان وهو الحين أي الزمن كذا في القاموس. وقول البعض وأوان جمع آن مخالف للمنصوص مع كونه يرده أن فعالا ليس من صيغ الجموع وهو منصوب على الظرفية فصل به بين العاطف والمعطوف أعني أثالا. وإذا الأولى ظرفية شرطية والثانية فجائية، والليل الزمن المعروف ويجوز أن يكون أراد به النوم ومعنى تجافى زال وكذا معنى انخزل، واللام في لورد تعليلية والورد بالكسر المنهل أي الماء الذي يورد، والآل بالمد قال في المصباح هو الذي يشبه السراب. ا. هـ. والصراف كما في القاموس ما تراه نصف النهار كأنه ماء. وقال في القاموس الآل السراب أو خاص بما في أول النهار. ا. هـ. والبلال بالكسر ما يبل به الحلق من ماء وغيره وأراد به هنا الماء. وبحث الدماميني في الاستشهاد بذلك بأن القصد أنه رأي ذواتهم لا كونهم رفقته لأنه محقق ليس الكلام فيه، وجعل رفقتي حالا وضعف بأن رفقتي معرفة والحال لا يكون معرفة. وأجيب بأن الرفقة بمعنى المرافقين فهو بمعنى اسم الفاعل وإضافته غير محضة. ولك أن تقول المحقق كونهم رفقته في اليقظة لا كونهم رفقته في المنام الذي كلام الشاعر فيه فلا يرد البحث.

قوله: "وإنما قيد بقوله إلخ" ظاهر صنيعه أن من قبل ظرف مستقر حال وهو يخالف ما قدمه من أنه لغو متعلق بانتمى. قوله: "أو يقظية" في تعبيره باليقظة دون البصرية إشعار بأن الرؤيا قد تكون مصدرا لرأي العلمية والبصرية. هذا ومذهب الحريري والمصنف أن الرؤيا لا تكون إلا مصدر الحلمية وعليه لا إشكال. قوله: "الغالب إلخ" أي وأما الرؤية بالتاء فالغالب كونها مصدر


٣٥١- البيت من الوافر، وهو لابن أحمر في ديوانه ص١٢٩؛ والحماسة البصرية ١/ ٢٦٢؛ وشرح أبيات سيبويه ١/ ٤٨٧؛ والكتاب ٢/ ٢٧٠؛ ولسان العرب ٦/ ٢٨٩ "حنش"؛ والمقاصد النحوية ٢/ ٤٢١؛ وبلا نسبة في الأزمنة والأمكنة ١/ ٢٤٠؛ والإنصاف ١/ ٣٥٤؛ وتخليص الشواهد ص٤٥٥؛ والخصائص ٢/ ٢٧٨؛ وشراح ابن عقيل ص٢٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>