للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَرُبَّمَا أُسْقِطَتِ الهمزة إنْ ... كان خَفَا المعنى بحذفها أمِنْ

ــ

على حقيقته. والثالث والرابع. أن أم الواقعة بعد همزة التسوية لا تقع إلا بين جملتين, ولا تكون الجملتان معها إلا في تأويل المفردين. الثاني؛ قد بان لك أن همزة التسوية لا يلزم أن تكون واقعة بعد لفظة سواء، بل كما تقع بعدها بعد: ما أبالي وما أدري وليت شعري ونحوهن "وربما أسقطت الهمزة" المذكورة "وإن كان خفا المعنى بحذفها أمن" كقراءة ابن محيصن: "سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَنْذَرْتَهُمْ" [البقرة: ٦] ، وكما مر من قوله:

ــ

وجملة الاستفهام في قولنا: ما أدري أعمري طويل أم قصير، أما مجموع ما أدري أعمري طويل أم قصير فقابل للتصديق والتكذيب؛ لأنه خبر فافهم هذا التحقيق. قوله: "وليست تلك" أي: الواقعة بعد همزة الاستفهام كذلك أي: كالواقعة بعد همزة التسوية في الأمرين، وقوله: لأن الاستفهام إلخ تعليل للنفي في الأمرين. قوله: "لأن الاستفهام معها على حقيقته" أي: غالبًا أو أراد بكونه على حقيقته أنه ليس إخبارًا مجردًا عن طلب الفهم وعن التوبيخ والتقرير ونحوها, فلا يرد أن الزمخشري جوز في قوله تعالى في سورة الأنعام: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ} [البقرة: ١٣٣] ، كون أم متصلة مقدرًا قبلها معادلها أي: أتدعون على الأنبياء اليهودية أم إلخ, والهمزة فيه للإنكار التوبيخي, وفي قوله تعالى: {قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا} [البقرة: ٨٠] ، كون أم متصلة والهمزة فيه للتقرير, ونقلهما في المغني ولم يتعقب واحدًا منهما أفاده الشمني.

لكن الأظهر كون الهمزة في الآية الأولى أيضًا تقريرية فتأمل. قوله: "إلا بين جملتين" أي: غالبًا فلا ينافي ما قدمه من أنها عادلت بين مفرد وجملة كما في قول الشاعر:

سواء عليك النفر أم بت ليلة

قوله: "قد بان لك" أي: من الضابط السابق والاستشهاد بقوله: ولست أبالي إلخ. قوله: "وما أدري إلخ" أنت خبير بأن الذي تبين مما قدمه أن الواقعة بعد ما أدري ليست همزة تسوية, بل همزة استفهام حيث مثل لهمزة الاستفهام بقوله تعالى: {وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ} [الأنبياء: ١٠٩] ، وبقول الشاعر: لعمرك ما أدري إلخ أي: لا أدري جواب هذا الاستفهام, وهذا هو الأقرب عندي, ومثل ما أدري: ليت شعري ولا يحضرني ونحو ذلك، ثم رأيت الدماميني على المغني استظهر ما قلته مؤيدًا له بقصر الرضي همزة التسوية على الواقعة بعد قولهم: سواء, وقولهم: ما أبالي, وتصرفاته متعقبًا بذلك ما في المغني من التعميم الذي جرى عليه الشارح، ورأيت بعضهم مال إلى أنها للاستفهام بعد ما أبالي أيضًا كما يفيده ما مر عن الدماميني من كونه قلبيا معلقًا عن العمل في الجملة بعده, والمعنى لا أفكر في جواب هذا الاستفهام فتأمل. قوله: "حذفت الهمزة المذكورة" أي: الشاملة للنوعين المتقدمين بقرينة تمثيله بالمثالين الآتيين. قال الفارضي: وندر حذف أم ومعطوفها كقوله:

دعاني إليها القلب إني لأمره ... سميع فما أدري أرشد طلابها

التقدير: أرشد أم غيّ وإذا استفهم بغير الهمزة عطف بأو نحو: {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا} [مريم: ٩٨] ، وقد تكون هل بمعنى الهمزة فيعطف بأم بعدها كحديث: $"هل

<<  <  ج: ص:  >  >>