للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذي أُتِمَّ به الثلاثون (١)، أم هو أوَّل الأربعين، فيكون من جملة الثلاثين التي أُتِمَّتْ بعَشْرٍ؛ فيه اختلافٌ بين المفسرين.

روى عبد الرزَّاق (٢)، عن مَعْمَر، عن يزيد بن أبي زيادٍ، عن مجاهدٍ، قال: "ما مِن عملٍ في أيَّام السَّنة أفضَلُ منه في العَشْر من ذي الحِجّة، وهي العَشْر التي أتمَّها الله لموسى (٣) عليه السلام".

ومن فضائله: أنَّه خاتمةَ الأشهر المعلومات، أشهر الحجّ التي قال الله فيها: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} (٤)؛ وهي شوَّالٌ، وذوالقَعْدَة، وعشر من ذي الحِجَّة. وروي ذلك عن عمر، وابنه عبد الله، وعليّ، وابن مسعودٍ، وابن عبَّاس، وابن الزبير وغيرهم؛ وهو قولُ أكثر التابعين؛ ومذهب الشافعي وأحمد وأبي حنيفة وأبي يوسُف وأبي ثور وغيرهم، لكن الشافعي وطائفة أخرجوا منه يومَ النَّحْر، وأدخلَهُ فيه الأكثرون؛ لأنَّه يومُ الحجِّ الأكبر، وفيه يقع أكثر أفعال مناسِك الحج. وقالت طائفة: ذو الحجة كلُّه من أشهر الحج، وهو قولُ مالك، والشافعي في القديم؛ ورواه عن ابن عمر أيضًا؛ وروي عن طائفة من السَّلف. وفيه حديث مرفوع خرَّجه الطبراني، لكنه لا يصح. والكلامُ في هذه المسألة يطولُ، وليس هذا موضعه.

ومن فضائله: أنَّه (٥) الأيَّام المعلومات التي شَرَعَ اللهُ ذكرَه فيها على ما رَزَقَ من بهيمة الأنعام، قال الله تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (٢٧) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} (٦).

وجمهور العلماء على أنَّ هذه الأيام المعلومات هي عَشْر ذي الحِجَّة؛ منهم ابنُ عمَرَ (٧) وابنُ عبَّاس والحسن وعطاء ومجاهد وعِكرمة وقَتَادة والنَّخعيّ؛ وهو قولُ أبي حنيفة والشافعي وأحمد في المشهور عنه.


(١) في ع: "الثلاثين".
(٢) المصنف ٤/ ٣٧٥ في المناسك، برقم، برقم (٨١١٩).
(٣) أي في قوله تعالى من سورة الأعراف - الآية ١٤٢ - {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً}.
(٤) سورة البقرة الآية ١٩٧.
(٥) في ش: "أنَّه من الأيام".
(٦) سورة الحج الآية ٢٧ و ٢٨.
(٧) في آ: "ابن عمرو".

<<  <   >  >>