للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سبْعٍ وعشرين نصفَ السبْعِ؛ لأنَّ قبلَها ثلاثُ ليالٍ، وبعدَها ثلاث ليالٍ. ومِمَّا يرجِّحُ أن ليلَةَ القَدْر ليلَةُ سبْعٍ وعشرين أنَّها من السَّبْع الأواخر التي أمر النَّبي - صلى الله عليه وسلم - بالتماسِها فيها، بالاتفاق. وفي دخول الثالثة والعشرين في السَّبعِ اختلافٌ سَبَقَ ذِكْرُه. ولا خلافَ أنَّها آكَدُ مِن الخامِسَةِ والعشرين. ومما يَدُلُّ على ذلك أيضًا حديثُ أبي ذَرٍّ في قيام النبي - صلى الله عليه وسلم - بهم في أفراد السَّبْعِ الأواخر، وأنه قام بهم في الثالثة والعشرين إلى ثلث الليل، وفي الخامسة إلى نصف الليل، وفي السابعة إلى آخر الليل؛ حتى خَشُوا أن يفوتَهم الفلاحُ. وجَمَع أهلَه ليلتئذ، وجمَعَ النَّاسَ.

وهذا كُلُّه يَدُلُّ على تأكُّدها على سائر أفراد السبع والعشر. ومما يَدُلُّ على ذلك ما استشهَدَ به ابنُ عبَّاس بحضرة (١) عمر رضي الله عنه والصحابة معه، واستحسَنَه عُمَرُ رضي الله عنه. وقد روي من وجوهٍ متعددةٍ، فروَى عبدُ الرزَّاق (٢) في كتابه عن مَعْمَر، عن قتادَةَ وعاصمٍ، أنهما سمِعا عِكْرِمَةَ يقول: قال ابنُ عبَّاس رضي الله عنهما: دعا عُمَرُ بنُ الخطاب أصحابَ محمد - صلى الله عليه وسلم -، فسألَهم عن ليلة القَدْر، فأجْمَعُوا أنَّها في العشر الأواخِر. قال ابنُ عبَّاس: فقلْتُ لعُمَرَ رضي الله عنه: إنِّي لأعلم - أو إنِّي لأظنُّ - أيّ ليلةٍ هي. قال عمر: وأيّ ليلةٍ هي؟ قلْت: سابعة تمضي، أو سابِعَة تبقَى من العشر الأواخر. فقال عُمَرُ رضي الله عنه: ومن أين علِمْتَ ذلك؟ قال: فقلْتُ: إنَّ الله خَلَقَ سَبْعَ سموات، وسبع أرضين، وسبعةَ أيام، وأنَّ الدَّهر يدورُ على سبْعٍ، وخلَقَ الله الإنسان من سَبْع، ويأكل من سَبْعٍ، ويسجد على سبْعٍ، والطَّواف بالبيت سَبْع، ورَمْي الجمار سبْعٌ، لأشياء ذكرَهَا. فقال عمر رضي الله عنه: لقد فَطِنْتَ لأمرٍ ما فطِنَّا له.

وكان قتادة يزيدُ على (٣) ابن عباس في قوله "يأكل من سبْعٍ"، قال: هو قولُ الله عزَّ وجلَّ: {فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (٢٧) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (٢٨) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (٢٩) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (٣٠) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} (٤). ولكن في هذه الرواية أنها في سبْعٍ تمضي أو تبقَى، بالترديد في ذلك.


(١) في ش، ع: "بمحضر".
(٢) مصنف عبد الرزاق ٤/ ٢٤٦ الحديث رقم (٧٦٧٩).
(٣) في آ، ش، ع: "عن".
(٤) سورة عبس الآيات ٢٧ - ٣١.

<<  <   >  >>