للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحَوْلِ لدخُولِ رمَضَان، فتقولُ الحورُ: يا ربّ، اجْعَلْ لنا في هذا الشهر من عبادك أزواجًا تَقَرُّ أعيُننا بهم، وتَقَرُّ أعينُهم بنا". وفي حديثٍ آخَرَ: "إنَّ الحُورَ تُنَادِي (١) في شهر رَمَضَانَ: هل من خَاطبٍ إلى اللهِ فيزوِّجَهُ (٢)؟.

مهورُ الحورِ العين (٣) طولُ التهجُّد، وهو حاصلٌ في شهر رمضانَ أكثَرَ من غيره.

كان بعضُ الصالحين كثيرَ التهجُّد والصِّيام، فصَلَّى ليلةً في المسجد ودعا، فغلبته عيناهُ، فرأَى في منامه جماعةً عَلِمَ أنَّهم لَيْسُوَا من الآدميين، بأيديهم أطباقُ عليها أرغفةٌ ببياض (٤) الثلج، فوق كُلِّ رغيفٍ درٌّ كأمثال (٥) الرُّمَّان، فقالوا: كُلْ، فقال: إنِّي أريدُ الصَّومَ. قالوا له: يأمُرُكَ صاحِبُ هذا البيت أن تأكلَ، قال: فأكلْتُ، وجعلْتُ آخذ ذلك الدُّرَّ لاحتملَهُ. فقالوا له: دعْهُ نَغرسه لك شجرًا يُنبتُ لك خيرًا من هذا. قال: أين؟ قالوا: في: دارٍ لا تخرَبُ، وثمرٍ لا يتغيَّر، ومُلكٍ لا ينقطِع، وثياب لا تبلَى. فيها رضوى، وعينا، وقرَّةُ أعينٍ، أزواجٌ رضياتٌ مَرضياتٌ راضياتٌ، لا يَغِرْنَ ولا يُغَرْن؛ فعليك بالانكماش فيما أنت، فإنما هي غَفْوَةً حتى ترتحلَ فتنزلَ (٦) الدارَ. فما مكث بعدَ هذه الرؤيا إلَّا جمعتين حتَّى توفي، فرآه ليلة وفاتِه في المنام بعضُ أصحابه الذين حدَّثَهُم برؤياه وهو يقول: ألا تعجب من شجرٍ غُرسَ لي في يوم حدثتك وقد حَمَلَ!؟ فقال له: ما حَمَل؟ قال: لا تسأل، لا يقدر أحدٌ على صفته. لَم يُرَ مثلُ الكريم إذا حَلَّ به مطيع.

يا قوم! ألا خاطبٌ في هذا الشهر إلى الرحمان؟ ألا راغبٌ فيما أعَدَّهُ الله للطائعين في الجنان؟ ألا طالبٌ لما أخبر به من النَّعيم المقيم، مع أنَّه ليس الخبرُ كالعِيان؟

مَنْ يُردْ مُلْكَ الجِنانِ … فلْيَدَعْ عنه التَّواني

ولْيَقمْ في ظلمةِ الليلِ … إلى نورِ القُرَانِ

ولْيَصِلْ صَومًا بصومٍ … إن هذا العيشَ فاني


(١) في ب، ط: "ينادي".
(٢) في ب، ط: "فتزوَّجَه".
(٣) لفظ "العين" لم يرد في آ، ش، ع.
(٤) في ع: "كبياض".
(٥) في آ، ش، ع: "أمثال".
(٦) في آ: "فتتركَ الدار".

<<  <   >  >>