الحمد لله الذي من تعلق بأسباب طاعته، فقد أسند أمره إلى العظيم جلاله، ومن اقتطع لأبواب خدمته، مُتمسِّكاً بنفحات كرمه قرب اتصاله، ومن انتصب لرفع يديه جازماً بصحَّة رجائه، مع انكسار نفسه صلح حاله.
وصلى الله على نبينا محمد، المشهور جماله، المعلوم كماله، وعلى آل محمد وصحبه الطيبين الطاهرين، فصحبه خير صحب وآله.
أما بعد!
فإنَّ كتاب " فتح الباري بشرح صحيح البخاري " وحيد لا مثيل له، ألَا وإنه موسوعة علمية كبيرة، لم تر العيون ثانية، وفيه علوم جَمَّةٌ، وهو كتاب حافل بمسائل ومباحث حديثية وفقهية ونحوية وغيرها عديدة، ولا يقدره قدره إلاَّ من كان له شغف ومحبَّة للعلم عامة، وللسُنَّة المحمدية خاصة.
ألَا وإنَّ مؤلفه الحافظ ابن حجر العسقلاني (المتوفى سَنَة َ ٨٥٢ هـ)﵀ قد بذل جهده في هذا السِفْرِ الجليل، وكشف فيه كنوز السُنَّةِ الخفية، ومن علوم المسلمين الباهر العبقرية.
وطُبع " فتح الباري " عدة طبعات، وعدة مرات، وأجلَّ هذه الطبعات وأحسنها هي الطبعة الهندية في دهلي (سَنَةَ ١٣١٠ هـ) وهي طبعة حجرية، والنُّسَخُ من هذه الطبعة نادرة اليوم جداً، وتليها طبعة بولاق بمصر (سَنَةَ ١٣٠١ هـ)، وكلا الطبعتين من حسنات السيد النواب محمد صِدِّيق حسن خان القنوجي أحد علماء السلفيِّين في بلاد الهند.