للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفيهِ أيضًا: عن أبي سَعيدٍ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ قالَ: "إنَّ الشَّيطانَ قالَ: وعزَّتِكَ يا ربِّ! لا أبْرَحُ أُغْوي عبادَكَ ما دامَتْ أرواحُهُم في أجسادِهِم. فقالَ الرَّبُّ عَزَّ وجَلَّ: وعزَّتي وجلالي؛ لا أزالُ أغْفِرُ لهُم ما اسْتَغْفَروني" (١).

ذَكَرَ ابنُ أبي الدُّنْيا بإسنادٍ لهُ: أن رجلًا مِن ملوكِ البصرةِ كانَ قد تَنَسَّكَ، ثمَّ مالَ إلى الدُّنيا والسُّلطانِ، فبَنى دارًا وشَيدَها وأمَرَ بها ففُرِشَتْ لهُ ونُجِّدَتْ، واتَّخَذَ مأْدبةً وصَنَعَ طعامًا ودَعا النَّاسَ، فجَعَلوا يَدْخُلونَ فيَأْكُلونَ ويَشْرَبونَ ويَنْطرونَ إلى بنائِهِ ويَتَعَجَّبون منهُ ويَدْعونَ لهُ ويَتَفَرَّقونَ. فمَكَثَ بذلكَ أيَّامًا حتَّى فَرَغَ مِن [أمرِ] النَّاسِ، ثُمَّ جَلَسَ في نفرٍ مِن خاصَّةِ إخوانِهِ فقالَ: قد تَرَوْنَ سروري بداري هذهِ، وقد حَدَّثْتُ نفسي أنْ أتَّخِذَ لكلِّ واحدٍ مِن ولدي مثلَها، فأقيموا عندي أيَّامًا أسْتَمْتعُ بحديثِكُم وأُشاوِرُكُم فيما أُريدُ مِن هذا البناءِ لولدي. فأقاموا عندَهُ أيَّامًا يَلْهُونَ ويَلْعَبونَ ويُشاوِرُهُم كيفَ يَبْني لولد وكيفَ يُريدُ أنْ يَصْنَعَ. فبينَما هُم ذاتَ ليلةٍ في لهوِهِم؛ إذْ سَمِعوا قائلًا


= سوق"، فعلى هذا فحديثه مرسل. والثالثة: أنّه لا يحتمل من أمثاله أن يتفرّدوا عن أربعة من الصحابة بمتون لا يتابعهم عليها أحد!
ورواه الحاكم (٤/ ٢٥٨) من طريق مؤمّل بن إسماعيل، ثنا سفيان الثوري، كتبت إلى [محمّد بن] عبد الرحمن بن البيلماني فكتب إليّ أنّ أباه جلس إلى نفر … إلخ. ومؤمّل حسن في الشواهد، وقد أسقط محمّدًا من السند، ولا بدّ منه؛ لأنّ سفيان لم يلحق ابن البيلماني، ولم يتنبّه الحاكم يرحمه الله لذلك فراح يردّ رواية الثوري ويرجّح غيرها عليها. ومحمّد بن عبد الرحمن ساقط لا يفرح بروايته.
وقد أوردت في الحاشية السابقة جملة من شواهد هذا الحديث وبيّنت ضعفها وأنّها لا تقوم بهذا المتن ولا تزحزحه عن ضعفه. والله أعلم.
(١) (حسن). رواه: أحمد (٣/ ٢٩ و ٧٦)، وأبو يعلى (١٣٩٩)، والحاكم (٤/ ٢٦١)، والبيهقي في "الصفات" (٢٦٥)، والبغوي في "السنّة" (١٢٩٣)؛ كلّهم من طريق ابن لهيعة إلّا الحاكم فمن طريق عمرو بن الحارث كلاهما عن درّاجٍ، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد … رفعه. قال الحاكم: "صحيح الإسناد"، وأقرّه المنذري والذهبي، خلافًا لقوله في "العلوّ": "درّاج واه"، وهو الأولى بالصواب، فدرّاج لا يعدو أن يكون حسنًا في الشواهد، وروايته عن أبي الهيثم ضعيفة، وهذا منها.
ورواه: أحمد (٣/ ٢٩ و ٤١)، وأبو يعلى (١٢٧٣)، والطبراني في "الأوسط" (٨٧٨٣) و"الدعاء" (١٧٧٩)، وأبو نعيم في "الحلية" (٨/ ٣٣٢)؛ من طريق قويّة، عن عمرو بن أبي عمرو، عن أبي سعيد … رفعه. قال الهيثمي (١٠/ ٢١٠): "رجاله رجال الصحيح". قلت: ولكنّه منقطع؛ فإنّهم لم يذكروا لعمرو رواية عن أبي سعيد، وعلم التاريخ لا يدعم هذه الرواية.
على أنّ الحديث حسن بطريقيه، وقد قوّاه الحاكم والمنذري والذهبي والهيثمي والمناوي والألباني.

<<  <   >  >>