للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي الحديثِ: "إذا أرادَ اللهُ بعبدٍ خيرًا؛ عَسَلهُ". قالوا: وما عَسَلَهُ؟ قالَ: "وَفَّقَهُ لعملٍ صالحٍ ثمَّ يَقْبِضُهُ عليهِ" (١).

وهؤلاءِ: منهُم مَن يوقَظُ قبلَ موتِهِ بمدَّةٍ يَتَمَكَّنُ فيها مِن التَّزوُّدِ بعملٍ صالحٍ يَخْتِمُ بهِ عمرَهُ. ومنهُم مَن يوقَظُ عندَ حضورِ الموتِ فيُوَفَّقُ لتوبةٍ نصوحٍ يَموتُ عليها.

قالَتْ عائشةُ رَضِيَ اللهُ عنها: إذا أرادَ اللهُ بعبدٍ خيرًا؛ قَيَّضَ لهُ ملكًا قبلَ موتهِ بعامٍ فيُسَدِّدُهُ ويُيَسِّرُهُ حتَّى يَموتَ وهوَ خيرٌ ممَّا كانَ، فيَقولُ النَّاسُ: ماتَ فلانٌ خيرَ ما كانَ.

وخَرَّجَهُ البَزَّارُ عنها مرفوعًا، ولفظُهُ: "إذا أرادَ اللهُ بعبدٍ خيرًا؛ بَعَثَ إليهِ ملكًا مِن


(١) (صحيح). وقد جاء عن جماعة من الصحابة:
فرواه: أحمد (٤/ ٢٠٠)، وابن أبي عاصم في "السنّة" (٤٠٠)، والدولابي في "الكنى" (١١٦٥)، والطبراني في "الشاميّين" (٨٣٩)، والعسكري في "التصحيفات" (٢/ ٧١٨)، والقضاعي في "المسند، (١٣٨٩)، وابن الأثير في "الغابة" (٥/ ٥٧)؛ من طرق، عن بقيّة، ثنا محمَّد بن زياد الألهاني، عن أبي عنبة الخولاني … رفعه. وهذا سند يمكن أن يعلّ من أوجه: أحدها: تدليس بقية، ولكنّه صرّح بالتحديث من غيرما وجه. والثاني: أنّ العسكريّ زاد بين الألهاني والخولاني عبد الله بن أبي قيس. فإن كانت هذه الزيادة محفوظة؛ فلا يبعد أن يكون الألهاني سمعه من أبي عنبة مباشرة وبالواسطة، وإلّا؛ فقد علمت الواسطة، وهي ثقة ثبت. والثالث: أنهم اختلفوا في صحبة أبي عنبة، على قولين، وليس الجزم بأحدهما بالسهل، فإن ثبتت صحبته؛ فالحديث قويّ من هذا الوجه، وإلّا؛ فهو مرسل قويّ.
ورواه: الطبراني في "الكبير" (٨/ ١١٠/ ٧٥٢٢ و ٧٧٢٥) و"الشاميّين" (٨١٩ و ١٥٨٥)، والقضاعي في "المسند" (١٣٨٨)؛ من طرق ثلاث، عن أبي أُمامة … رفعه. ولا يخلو شيء من طرقه من ضعف، ولكنّ اجتماعها يفيد أنّ للحديث أصلًا عن أبي أُمامة.
ورواه: أحمد (٤/ ١٣٥، ٥/ ٢٢٤)، وعبد بن حميد (٤٨١)، والبخاري في "التاريخ" (٨/ ٣٠٢)، وابن قتيبة في "غريب الحديث" (١/ ٣٠١)، وابن أبي عاصم في "الآحاد" (٢٣٤٠ - ٢٣٤٢)، والبزّار (٦/ ٢٨٦ / ٢٣١٠)، والطحاوي في "المشكل" (٣/ ٢٦١)، وابن قانع (٢/ ٢٢٥/ ٧٣٤)، وابن حبّان (٣٤٢ و ٣٤٣)، والطبراني في "الأوسط" (٣٣٢٢) و"الشاميّين" (١٨٣)، والعسكري في "التصحيفات" (١/ ٢٠٠)، والحاكم (١/ ٣٤٠)، والبيهقي في "الزهد" (٨١٨)، والخطيب في "التاريخ" (١١/ ٤٣٣)، والرافعي في "قزوين" (٤/ ١٠١)، والذهبي في "النبلاء" (١٩/ ١٠٥)؛ من طرق، عن جبير بن نفير، عن عمرو بن الحمق … رفعه. وله أكثر من طريق قويّة عن جبير، وجبير ثقة، فالسند صحيح، وقد صحّحه الحاكم والذهبي والألباني. وله طريق أُخرى عند البزّار (٦/ ٢٨٦/ ٢٣١٠) حسنة أو حسنة في الشواهد على الأقلّ.
وحديث عمرو بن الحمق صحيح لذاته، فكيف إذا أضيف له حديثا أبي عنبة وأبي أُمامة؟! فكيف وله شواهد صحيحة بمعناه لكن بلفظ "استعمله" بدل "عسله"؟! وقد صحّحه ابن حبّان والحاكم والمنذري والذهبي والهيثمي والسيوطي والمناوي والألباني.

<<  <   >  >>