للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلَاتِهِ الرُّبَاعِيَّةِ حَالَ الِاقْتِدَاءِ بِالْمُقِيمِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُقِيمًا فِي حَقِّ هَذِهِ الصَّلَاةِ تَبَعًا لِإِمَامِهِ فَلَمْ يَلْزَمْ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِغَيْرِ الْمُفْتَرِضِ فِي حَقِّ الْقَعْدَةِ الْأُولَى وَفِي حَقِّ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ إذْ الْقِرَاءَةُ فَرْضٌ فِي رَكَعَاتِ النَّفْلِ وَسَيَأْتِي لِهَذَا زِيَادَةُ تَحْقِيقٍ فِي بَابِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(ظَهَرَ أَنَّ إمَامَهُ مُحْدِثٌ أَعَادَ) أَيْ اقْتَدَى بِإِمَامٍ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ إمَامَهُ مُحْدِثٌ أَعَادَ الْمُقْتَدِي صَلَاتَهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيُّمَا رَجُلٍ صَلَّى بِقَوْمٍ ثُمَّ تَذَكَّرَ جَنَابَةً أَعَادَ وَأَعَادُوا» .

(اقْتَدَى أُمِّيٌّ وَقَارِئٌ بِأُمِّيٍّ أَوْ اسْتَخْلَفَ أُمِّيًّا فِي الْأُخْرَيَيْنِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ) أَمَّا صَلَاةُ الْقَارِئِ فَلِأَنَّهُ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا. وَأَمَّا صَلَاةُ الْأُمِّيَيْنِ فَلِأَنَّهُمَا لَمَّا رَغِبَا فِي الْجَمَاعَةِ وَجَبَ أَنْ يَقْتَدِيَا بِالْقَارِئِ لِتَكُونَ قِرَاءَتُهُ قِرَاءَةً لَهُمَا فَتَرَكَا الْقِرَاءَةَ التَّقْدِيرِيَّةَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا، وَلَوْ اسْتَخْلَفَ الْقَارِئُ أُمِّيًّا فِي الْأُخْرَيَيْنِ فَسَدَتْ لِلْكُلِّ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ وَجَبَتْ فِي كُلِّ الصَّلَاةِ تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا وَلَمْ تُوجَدْ، خَصَّ الْأُخْرَيَيْنِ بِالذِّكْرِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنْ يَصْلُحَ الْأُمِّيُّ فِي الْأُخْرَيَيْنِ لِلِاسْتِخْلَافِ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ فِيهِمَا.

(وَيُصَفُّ الرِّجَالُ) خَلْفَ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ إذْ الْقِرَاءَةُ فَرْضٌ فِي رَكَعَاتِ النَّفْلِ) يَعْنِي فِيمَا إذَا أَتَمَّ الْمُسَافِرُ وَحْدَهُ وَقَعَدَ فِي الثَّانِيَةِ كَانَتْ الْقِرَاءَةُ فَرْضًا عَلَيْهِ فِي تَنَفُّلِهِ بِالْأُخْرَيَيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا اقْتَدَى بِالْمُقِيمِ لِصَيْرُورَةِ رَكَعَاتِهِ فَرْضًا فَصَحَّ الِاقْتِدَاءُ لِاتِّحَادِ صِفَةِ الْقِرَاءَةِ فِيهَا فِي حَقِّ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ أَوْ يُقَالُ إنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ إذْ الْقِرَاءَةُ فَرْضٌ فِي رَكَعَاتِ النَّفْلِ فِيمَا لَوْ كَانَ وَلَا رَكَعَاتِ نَفْلٍ حَالَ الِاقْتِدَاءِ لِيَخْتَلِفَ بِهَا الْحَالُ فِي حُكْمِ الْقِرَاءَةِ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فَكَانَ حَالُهُمَا وَاحِدًا فِي صِفَةِ الرَّكَعَاتِ وَقِرَاءَتِهَا فَصَحَّ الِاقْتِدَاءُ اهـ.

وَمَعَ هَذَا لَا يَخْفَى عَدَمُ مُنَاسَبَةِ تَعْلِيلِهِ لِلْمَقَامِ فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ إذْ صِفَةُ الْقِرَاءَةِ مُتَّحِدَةٌ فِي حَقِّهِمَا.

(قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي لِهَذَا زِيَادَةُ تَحْقِيقٍ. . . إلَخْ) أَقُولُ لَمْ يَرِدْ ثَمَّ عَلَى مَا هُنَا بَلْ أَعَادَ الْمَسْأَلَةَ وَأَحَالَ عَلَى شُرُوحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّ إمَامَهُ مُحْدِثٌ أَعَادَ) الْمُرَادُ بِالْإِعَادَةِ الْإِتْيَانُ بِالْفَرْضِ لَا الْإِعَادَةُ فِي الِاصْطِلَاحِ أَيْ اصْطِلَاحِ الْأُصُولِيِّينَ الْجَابِرَةِ لِلنَّقْصِ فِي الْمُؤَدَّى فَلَوْ قَالَ بَطَلَتْ لَكَانَ أَوْلَى وَلَمْ يَذْكُرْ بِمَاذَا ظَهَرَ حَدَثُ الْإِمَامِ وَلَا مِقْدَارَ مَا يَلْزَمُ إعَادَتُهُ إذَا أُخْبِرَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ بِمُشَاهَدَةِ الْمُقْتَدِي الْمُنَافِيَ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ كَانَ بِإِخْبَارِ الْإِمَامِ فَقَالَ فِي الْمُجْتَبَى أَخْبَرَهُمْ الْإِمَامُ أَنَّهُ أَمَّهُمْ شَهْرًا بِغَيْرِ طَهَارَةٍ أَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِالنَّجَاسَةِ الْمَانِعَةِ لَا تَلْزَمُ الْإِعَادَةُ؛ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِكُفْرِهِ وَقَوْلُ الْفَاسِقِ غَيْرُ مَقْبُولٍ فِي الدِّيَانَاتِ فَكَيْفَ قَوْلُ الْكَافِرِ اهـ.

وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّهُ لَا يَكْفُرُ إذَا صَلَّى بِالنَّجَاسَةِ الْمَانِعَةِ عَمْدًا لِلِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِ إزَالَتِهَا لِقَوْلِ مَالِكٍ بِسُنِّيَّتِهَا. اهـ.

قُلْت فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَعَمِّدًا الصَّلَاةَ مَعَ الْمُنَافِي وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ وَهُوَ مُقْتَضَى الْحَدِيثِ الَّذِي سَاقَهُ الْمُصَنِّفُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ بِقَوْلِهِ لَوْ قَالَ كُنْت مُحْدِثًا أَوْ كَانَ عَلَى ثَوْبِي نَجَاسَةٌ فَعَلَى الْقَوْمِ أَنْ يُصَدِّقُوهُ وَيُعِيدُوا الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ فِي أُمُورِ الدِّينِ حُجَّةٌ يُعْمَلُ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَاجِنًا فَلَا يُصَدِّقُوهُ وَالْمَاجِنُ الْفَاسِقُ وَهُوَ أَنْ لَا يُبَالِيَ بِمَا يَقُولُ وَيَفْعَلُ وَتَكُونُ أَعْمَالُهُ عَلَى نَهْجِ أَعْمَالِ الْفُسَّاقِ اهـ. ثُمَّ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَلَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ أَنْ يُعْلِمَ الْجَمَاعَةَ بِحَالِهِ وَلَا يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ.

وَفِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ لَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ الْإِعْلَامُ إذَا كَانُوا قَوْمًا غَيْرَ مُعَيَّنِينَ.

وَفِي الْمُجْتَبَى إذَا أَمَّ مُحْدِثًا أَوْ جُنُبًا ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَ التَّفْرِيقِ يَجِبُ الْإِخْبَارُ بِقَدْرِ الْمُمْكِنِ بِلِسَانِهِ أَوْ كِتَابٍ أَوْ رَسُولٍ عَلَى الْأَصَحِّ وَعَنْ الْوَبَرِيِّ يُخْبِرُهُمْ، وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ وَنَظِيرُهُ إذَا رَأَى غَيْرَهُ يَتَوَضَّأُ مِنْ مَاءٍ نَجِسٍ أَوْ عَلَى ثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ. اهـ.

(قَوْلُهُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ) أَقُولُ سَوَاءٌ عَلِمَ الْأُمِّيُّ حَالَ مَنْ خَلْفَهُ أَوْ لَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْقَارِئَ لَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فِي صَلَاةِ نَفْسِهِ مُنْفَرِدًا وَصَحَّحَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَفَائِدَتُهُ عَدَمُ انْتِقَاضِ طَهَارَتِهِ بِالْقَهْقَهَةِ، وَكَذَا صَحَّحَهُ فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرُهُ صَحَّحَ فِي السِّرَاجِ أَنَّهُ يَصِيرُ شَارِعًا فِي صَلَاةِ نَفْسِهِ، وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ نَقْلًا قَالَ بَعْدَهُ فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ الْمَذْهَبَ تَصْحِيحُ الْمُحِيطِ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الشُّرُوعِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا صَلَاةُ الْأُمِّيَيْنِ. . . إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِفَسَادِ صَلَاةِ الْأُمِّيِّ اقْتِدَاؤُهُ بِالْقَارِئِ وَلَا تَفْسُدُ إنْ صَلَّى وَحْدَهُ مَعَ وُجُودِ الْقَارِئِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ.

وَقَالَ إنَّهُ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُمَا رَغْبَةٌ فِي الْجَمَاعَةِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَفِي النِّهَايَةِ لَوْ اقْتَدَى الْأُمِّيُّ ثُمَّ حَضَرَ الْقَارِئُ فَفِيهِ قَوْلَانِ وَلَوْ حَضَرَ الْأُمِّيُّ بَعْدَ افْتِتَاحِ الْقَارِئِ فَلَمْ يَقْتَدِ بِهِ وَصَلَّى مُنْفَرِدًا الْأَصَحُّ أَنَّ صَلَاتَهُ فَاسِدَةٌ اهـ فَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا فِي الْهِدَايَةِ مِنْ التَّصْحِيحِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَخْلَفَ الْقَارِئُ. . . إلَخْ) أَقُولُ فِيهِ خِلَافُ زُفَرَ وَأَجْمَعُوا عَلَى الصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ اسْتَخْلَفَهُ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ التَّشَهُّدِ لِخُرُوجِهِ مِنْ الصَّلَاةِ بِصُنْعِهِ، وَقِيلَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَهُ لَا عِنْدَهُمَا وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي مَسَائِلِ الْأُمِّيِّ قُدْرَةَ الْغَيْرِ مَعَ أَنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ الْقَادِرَ بِقُدْرَةِ الْغَيْرِ لَيْسَ بِقَادِرٍ؛ لِأَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا تَعَلَّقَ بِاخْتِيَارِ ذَلِكَ الْغَيْرِ وَلَا كَذَلِكَ هَاهُنَا إذْ لَوْ أَحْرَمَ نَاوِيًا أَنْ لَا يَؤُمَّ أَحَدًا فَائْتَمَّ بِهِ رَجُلٌ صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ وَيُصَفُّ الرِّجَالُ. . . إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ قِيلَ الْأَقْسَامُ الْمُمْكِنَةُ تَنْتَهِي إلَى اثْنَيْ عَشَرَ صَفًّا وَالتَّرْتِيبُ الْحَاضِرُ لَهَا أَنْ يُقَدَّمَ الْأَحْرَارُ الْبَالِغُونَ ثُمَّ الْأَحْرَارُ الصِّبْيَانُ ثُمَّ الْعَبِيدُ الْبَالِغُونَ ثُمَّ الْعَبِيدُ الصِّبْيَانُ ثُمَّ الْأَحْرَارُ الْخَنَاثَى الْكِبَارُ ثُمَّ الْأَحْرَارُ الْخَنَاثَى الصِّغَارُ ثُمَّ الْأَرِقَّاءُ الْخَنَاثَى

<<  <  ج: ص:  >  >>