فَظَاهِرٌ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِشَهَادَتِهِنَّ نِصْفُ الْمَالِ وَكَذَا عِنْدَهُ إذْ بَقِيَ مَنْ يَبْقَى بِهِ نِصْفُ الْمَالِ فَصَارَ كَمَا لَوْ شَهِدَ سِتَّةُ رِجَالٍ ثُمَّ رَجَعَ خَمْسَةٌ
(وَضَمِنَ رَجُلَانِ شَهِدَا مَعَ امْرَأَةٍ فَرَجَعُوا) أَيْ الْكُلُّ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ الْوَاحِدَةَ لَيْسَتْ بِشَاهِدَةٍ إذْ الْمَرْأَتَانِ كَشَاهِدٍ وَاحِدٍ فَكَانَتْ الْوَاحِدَةُ بَعْضَ الشَّاهِدِ فَكَانَ الْقَضَاءُ مُسْتَنِدًا إلَى شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ بِلَا امْرَأَةٍ (وَلَا يَضْمَنُ رَاجِعٌ فِي النِّكَاحِ بِمَهْرٍ مُسَمًّى مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ شَهِدَا عَلَيْهَا أَوْ عَلَيْهِ الْأَصْلُ أَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَالًا بِأَنْ كَانَ قِصَاصًا أَوْ نِكَاحًا أَوْ نَحْوَهُمَا لَمْ يَضْمَنْ الشُّهُودُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَإِنْ كَانَ مَالًا فَإِنْ كَانَ الْإِتْلَافُ بِعِوَضٍ يُعَادِلُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الشَّاهِدِ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ بِعِوَضٍ كَلَا إتْلَافٍ وَإِنْ كَانَ بِعِوَضٍ لَا يُعَادِلُهُ فَبِقَدْرِ الْعِوَضِ لَا ضَمَانَ بَلْ فِيمَا وَرَاءَهُ وَإِنْ كَانَ الْإِتْلَافُ بِلَا عِوَضٍ أَصْلًا وَجَبَ ضَمَانُ الْكُلِّ إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَنَقُولُ إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ نِكَاحًا وَهِيَ جَاحِدَةٌ وَأَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً يُقْضَى بِالنِّكَاحِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا لَمْ يَضْمَنَا لَهَا شَيْئًا سَوَاءٌ كَانَ الْمُسَمَّى مَهْرَ مِثْلِهَا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ أَتْلَفَا عَلَيْهَا الْبُضْعَ بِعِوَضٍ لَا يَعْدِلُهُ وَلَكِنَّ الْبُضْعَ لَا يَتَقَوَّمُ عَلَى الْمُتْلِفِ وَإِنَّمَا يَتَقَوَّمُ عَلَى الْمُتَمَلِّكِ ضَرُورَةَ التَّمَلُّكِ فَإِنَّ ضَمَانَ الْإِتْلَافِ يُقَدَّرُ بِالْمِثْلِ وَلَا مُمَاثَلَةَ بَيْنَ الْبُضْعِ وَالْمَالِ وَأَمَّا عِنْدَ دُخُولِهِ فِي مِلْكِ الزَّوْجِ فَقَدْ صَارَ مُتَقَوِّمًا إظْهَارًا لِخَطَرِهِ (إلَّا مَا زَادَ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا) يَعْنِي إنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا مِثْلَ الْمُسَمَّى أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَضْمَنَا شَيْئًا لِأَنَّهُمَا أَوْجَبَا الْمَهْرَ عَلَيْهِ بِعِوَضٍ يَعْدِلُهُ أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْبُضْعُ لِأَنَّهُ عِنْدَ الدُّخُولِ فِي مِلْكِ الزَّوْجِ مُتَقَوِّمٌ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْإِتْلَافَ بِعِوَضٍ يَعْدِلُهُ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ وَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى ضَمِنَا الزِّيَادَةَ لِلزَّوْجِ لِأَنَّهُمَا أَتْلَفَا عَلَيْهِ قَدْرَ الزِّيَادَةِ بِلَا عِوَضٍ (وَلَا) يَضْمَنُ أَيْضًا (رَاجِعٌ فِي الْبَيْعِ إلَّا مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ إنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي) بِأَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْتُ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ بِأَلْفٍ وَهُوَ يُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ ثُمَّ رَجَعَا يَضْمَنَانِ أَلْفًا لِلْبَائِعِ لِأَنَّهُمَا أَتْلَفَاهُ عَلَيْهِ (وَلَا) يَضْمَنُ أَيْضًا (رَاجِعٌ فِي الْبَيْعِ إلَّا مَا زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ مِنْ الثَّمَنِ إنْ ادَّعَى الْبَائِعُ) بِأَنْ يَقُولَ إنَّ الْمُشْتَرِي اشْتَرَى مِنِّي هَذَا الْعَبْدَ بِكَذَا وَعَلَيْهِ الثَّمَنُ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ اشْتَرَى الْعَبْدَ بِأَلْفَيْنِ وَهُوَ يُسَاوِي أَلْفًا ثُمَّ رَجَعَا يَضْمَنَانِ لِلْمُشْتَرِي أَلْفًا لِأَنَّهُمَا أَتْلَفَاهُ عَلَيْهِ
(وَلَا) يَضْمَنُ (فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الْوَطْءِ إلَّا نِصْفَ مَهْرِهَا) يَعْنِي إذَا شَهِدَا بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْوَطْءِ ثُمَّ رَجَعَا
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
عَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِكَثْرَتِهِنَّ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ مَعَ الرِّجَالِ كَمَا فِي الْمِيرَاثِ اهـ.
وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الصَّاحِبَيْنِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ مَعَ قِيَامِهِنَّ مَقَامَ رَجُلٍ يُقَسَّمُ عَلَيْهِنَّ مَا ثَبَتَ بِشَهَادَتِهِنَّ فِي حَقِّ مَنْ رَجَعَ مِنْهُنَّ فَيَغْرَمْنَ بِقَدْرِهِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْهُنَّ مَنْ يَثْبُتُ بِهِ نِصْفُ الْحَقِّ لِمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ بَعْدَ هَذَا بِقَوْلِهِ وَلَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَثَلَاثُ نِسْوَةٍ ثُمَّ رَجَعُوا فَعِنْدَهُمَا عَلَى الرَّجُلِ النِّصْفُ وَعَلَى النِّسْوَةِ النِّصْفُ وَعِنْدَهُ عَلَيْهِ الْخُمُسَانِ وَعَلَيْهِنَّ ثَلَاثَةُ الْأَخْمَاسِ عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي تَقَدَّمَ وَلَوْ رَجَعَ الرَّجُلُ وَامْرَأَةٌ فَعَلَيْهِ النِّصْفُ كُلُّهُ عِنْدَهُمَا وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ شَيْءٌ وَعِنْدَهُ عَلَيْهِ وَعَلَى الرَّاجِعَةِ أَثْلَاثًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ اهـ عَلَى أَنَّا لَوْ سَلَّمْنَا الِانْقِسَامَ عَلَيْهِنَّ عِنْدَ الرُّجُوعِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ تَعْلِيلِ قَوْلِهِمَا أَنَّ الِانْقِسَامَ عَلَيْهِنَّ بِحَسَبِ عَدَدِهِنَّ فَعَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ النِّصْفِ وَعَلَى الرَّجُلِ نِصْفٌ كَامِلٌ وَيَبْقَى خُمُسُ نِصْفِ الْمَالِ بِبَقَاءِ الْمَرْأَتَيْنِ وَالْجَوَابُ عَمَّا ذَكَرَهُ عَنْ الْإِسْبِيجَابِيِّ أَنَّهُ مَشْيٌ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ لَا عَلَى قَوْلِهِمَا فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ وَضَمِنَ رَجُلَانِ شَهِدَا مَعَ امْرَأَةٍ فَرَجَعُوا) الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْ الزَّيْلَعِيِّ وَالْكَمَالِ وَهِيَ لَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَثَلَاثُ نِسْوَةٍ فَرَجَعُوا ضَمِنُوا أَنَّ الْحُكْمَ لَمْ يُضَفْ إلَى الْمَرْأَةِ هُنَا لِعَدَمِ اعْتِبَارِهَا مُنْفَرِدَةً مَعَ الرَّجُلَيْنِ بِخِلَافِهَا مَعَ امْرَأَتَيْنِ وَرَجُلٍ لِإِضَافَتِهِ إلَى جَمِيعِهِنَّ (قَوْلُهُ الْأَصْلُ أَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَالًا بِأَنْ كَانَ قِصَاصًا) ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْقِصَاصَ إذَا شَهِدَا بِهِ ثُمَّ رَجَعَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا الدِّيَةُ فَيَجِبُ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ بِأَنْ كَانَ قِصَاصًا بِالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ يَعْنِي أَنَّهُمَا إذَا شَهِدَا بِالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ فَرَجَعَا لَا يَضْمَنَانِ لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَيْسَ بِمَالٍ (قَوْلُهُ إلَّا مَا زَادَ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا) يَعْنِي فِيمَا إذَا كَانَتْ هِيَ الْمُدَّعِيَةُ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُهُ وَتَفْرِيعُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي التَّبْيِينِ وَالْفَتْحِ وَالْكَافِي (قَوْلُهُ وَلَا يَضْمَنُ فِي الْبَيْعِ إلَّا مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ. . . إلَخْ) كَذَا قَالَهُ الْكَمَالُ ثُمَّ قَالَ هَذَا إذَا شَهِدَا بِالْبَيْعِ وَلَمْ يَشْهَدَا بِنَقْدِ الثَّمَنِ فَلَوْ شَهِدَا بِهِ وَبِنَقْدِ الثَّمَنِ. . . إلَخْ ثُمَّ رَجَعَا فَإِمَّا أَنْ يَنْظِمَاهُمَا فِي شَهَادَةٍ وَاحِدَةٍ بِأَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ بَاعَهُ هَذَا بِأَلْفٍ وَأَوْفَاهُ الثَّمَنَ أَوْ فِي شَهَادَتَيْنِ بِأَنْ شَهِدَا بِالْبَيْعِ فَقَطْ ثُمَّ شَهِدَا بِأَنَّ الْمُشْتَرِي أَوْفَاهُ الثَّمَنَ فَفِي الْأَوَّلِ يَقْضِي عَلَيْهِمَا بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ لَا بِالثَّمَنِ وَفِي الثَّانِي يَقْضِي عَلَيْهِمَا بِالثَّمَنِ لِلْبَائِعِ وَذَكَرَ الْفَرْقَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الشَّهَادَةُ بِبَيْعٍ بَاتَ أَوْ بِخِيَارٍ لِلْبَائِعِ وَلَوْ أَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ بِالشِّرَاءِ أَخَذَهُ فِي الْمُدَّةِ سَقَطَ الضَّمَانُ عَنْهُمَا لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَالَهُ بِاخْتِيَارٍ كَمَا لَوْ أَجَازَهُ الْبَائِعُ فِي شَهَادَتِهِمَا بِالْخِيَارِ لَهُ بِثَمَنٍ نَاقِصٍ عَنْ الْقِيمَةِ
(قَوْلُهُ وَلَا فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الْوَطْءِ إلَّا نِصْفَ مَهْرِهَا) هَذَا إذَا سُمِّيَ مَهْرًا فِي الْعَقْدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَمِنَا الْمَنْفَعَةَ وَمَا ذَكَرَ مِنْ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْفَتْحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute