وَهَلْ الِاسْتِحْقَاقُ فِي كُلِّهَا لِكُلِّهِمْ أَمْ تَخْتَصُّ شِرْكَةُ كُلِّ وَاحِدٍ بِمَا بَيْنَ رَأْسِ الدَّرْبِ وَبَابِ دَارِهِ؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي.
ــ
[مغني المحتاج]
تَنْبِيهٌ: لَوْ قَالَ مَنْ لَهُ الْمُرُورُ فِيهِ إلَى مِلْكِهِ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ مَا لَوْ كَانَ لَهُ فِيهِ فُرْنٌ أَوْ حَانُوتٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ (وَهَلْ الِاسْتِحْقَاقُ فِي كُلِّهَا) أَيْ الطَّرِيقِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ (لِكُلِّهِمْ) ؛ لِأَنَّهُمْ رُبَّمَا احْتَاجُوا إلَى التَّرَدُّدِ وَالِارْتِفَاقِ بِكُلِّهِ لِطَرْحِ الْقُمَامَاتِ عِنْدَ الْإِدْخَالِ وَالْإِخْرَاجِ (أَمْ تَخْتَصُّ شِرْكَةُ كُلِّ وَاحِدٍ بِمَا بَيْنَ رَأْسِ الدَّرْبِ) وَهُوَ عَرَبِيٌّ، وَقِيلَ: مُعَرَّبٌ (وَبَابِ دَارِهِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا الثَّانِي) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ هُوَ مَحَلُّ تَرَدُّدِهِ وَمُرُورِهِ وَمَا عَدَاهُ هُوَ فِيهِ كَالْأَجْنَبِيِّ مِنْ السِّكَّةِ وَلِأَهْلِ الدَّرْبِ الْمَذْكُورِ قِسْمَةُ صَحْنِهِ كَسَائِرِ الْمُشْتَرَكَاتِ الْقَابِلَةِ لِلْقِسْمَةِ.
وَلَوْ أَرَادَ الْأَسْفَلُونَ لَا الْأَعْلَوْنَ سَدَّ مَا بَيْنَهُمْ أَوْ قِسْمَتَهُ جَازَ، بِخِلَافِ الْأَعْلَيْنَ، وَلَوْ اتَّفَقُوا عَلَى سَدِّ رَأْسِ السِّكَّةِ لَمْ يُمْنَعُوا مِنْهُ وَلَمْ يَفْتَحْهُ بَعْضُهُمْ بِغَيْرِ رِضَا الْبَاقِينَ. نَعَمْ إنْ سَدَّهُ بِآلَةِ نَفْسِهِ خَاصَّةً فَلَهُ فَتْحُهُ بِغَيْرِ رِضَاهُمْ، وَلَوْ امْتَنَعَ بَعْضُهُمْ مِنْ سَدِّهِ لَمْ يَكُنْ لِلْبَاقِينَ ذَلِكَ.
وَلَوْ وَقَفَ بَعْضُهُمْ دَارِهِ مَسْجِدًا أَوْ وُجِدَ ثَمَّ مَسْجِدٌ شَارَكَهُمْ الْمُسْلِمُونَ فِي الْمُرُورِ إلَيْهِ فَيُمْنَعُونَ مِنْ السَّدِّ وَالْقِسْمَةِ، وَلَا يَجُوزُ الْإِشْرَاعُ عِنْدَ الضَّرَرِ وَإِنْ رَضِيَ أَهْلُ السِّكَّةِ لِحَقِّ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَجُوزُ الْإِشْرَاعُ الَّذِي لَا يَضُرُّ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ أَهْلُهُ، وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَسْجِدُ حَادِثًا وَإِلَّا فَإِنْ رَضِيَ بِهِ أَهْلُ الدَّرْبِ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَهُمْ الْمَنْعُ مِنْ الْإِشْرَاعِ، إذْ لَيْسَ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ إبْطَالُ حَقِّ الْبَقِيَّةِ مِنْ ذَلِكَ، وَكَالْمَسْجِدِ فِيمَا ذُكِرَ مَا سُبِّلَ وَوُقِفَ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ: كَبِئْرٍ وَمَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ.
تَنْبِيهٌ: كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ فِي كُلِّهِ كَمَا فِي غَيْرِهِ مِمَّا قَدَّمَهُ؛ لِأَنَّهُ عَائِدٌ إلَى غَيْرِ النَّافِذِ وَهُوَ مُذَكَّرٌ، وَاسْتَغْنَى عَمَّا قَدَّرْته فِي كَلَامِهِ تَبَعًا لِلشَّارِحِ، وَقَدْ أَتَى فِي الْمُحَرَّرِ بِجَمِيعِ الضَّمَائِرِ مُؤَنَّثَةً لِكَوْنِهِ عَبَّرَ أَوَّلًا بِالسِّكَّةِ، وَلَمَّا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِغَيْرِ النَّافِذِ عَدَلَ عَنْ تَأْنِيثِ الضَّمَائِرِ إلَى تَذْكِيرِهَا إلَّا هَذِهِ اللَّفْظَةِ، وَقَوْلُهُ: لِكُلِّهِمْ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ: فَإِنَّهُ لَا نِزَاعَ فِي اسْتِحْقَاقِ كُلِّهَا لِكُلِّهِمْ: أَيْ لِمَجْمُوعِهِمْ فَإِنَّ الْكُلَّ يُطْلَقُ عَلَى الْكُلِّ الْمَجْمُوعِيِّ وَالْكُلِّ التَّفْصِيلِيِّ.
فَإِنْ قِيلَ: إذَا كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ لَهُمْ خَاصَّةً فَلِمَ جَازَ لِغَيْرِهِمْ دُخُولُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا مِنْ الْحَلَالِ الْمُسْتَفَادِ بِقَرِينَةِ الْحَالِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الدُّخُولُ إذَا كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِامْتِنَاعِ الْإِبَاحَةِ مِنْهُ وَمِنْ وَلِيِّهِ، وَقَدْ تَوَقَّفَ الشَّيْخُ عَزُّ الدِّينِ فِي مَسَائِلَ قَرِيبَةٍ مِنْ ذَلِكَ: كَالشُّرْبِ مِنْ أَنْهَارِهِمْ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْجَوَازُ وَإِنْ كَانَ الْوَرَعُ خِلَافَهُ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ الْمُرُورُ بِمِلْكِ غَيْرِهِ إذَا لَمْ يَصِرْ طَرِيقًا لِلنَّاسِ. قَالَ الْعَبَّادِيُّ فِي طَبَقَاتِهِ: وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute