. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[مغني المحتاج]
الْمَحْمِلِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَتَّفِقُ وَإِنْ كَانَ نَادِرًا. وَالْأَصْلُ فِي جَوَازِ ذَلِكَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَصَبَ بِيَدِهِ مِيزَابًا فِي دَارِ عَمِّهِ الْعَبَّاسِ» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ: إنَّ الْمِيزَابَ كَانَ شَارِعًا لِمَسْجِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَوْ كَانَ لَهُ دَارَانِ فِي جَانِبَيْ الشَّارِعِ، فَحَفَرَ تَحْتَ الطَّرِيقِ سِرْدَابًا مِنْ إحْدَاهُمَا إلَى الْأُخْرَى وَأَحْكَمَ أَزَجَهُ، بِحَيْثُ يُؤْمَنُ الِانْهِيَارُ لَمْ يُمْنَعْ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَرْتَفِقَ بِهَذَا الطَّرِيقِ أَوْ بِمَا تَحْتَهُ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ عَلَى الْمَارِّينَ، بِخِلَافِ الْمُفْسِدِ الْمَمْلُوكِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي وَضْعِ الْجَنَاحِ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِهِ، فَإِنْ فَعَلَ مَا مُنِعَ مِنْهُ أُزِيلَ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فِي الْإِسْلَامِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ حَسَنٌ، وَالْمُزِيلُ لَهُ الْحَاكِمُ لَا كُلُّ أَحَدٍ لِمَا فِيهِ مِنْ تَوَقُّعِ الْفِتْنَةِ. لَكِنْ لِكُلِّ أَحَدٍ مُطَالَبَتُهُ بِإِزَالَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ إزَالَةِ الْمُنْكَرِ.
تَنْبِيهٌ: مَا أَفْهَمَهُ مِنْ جَوَازِ إخْرَاجِ الْجَنَاحِ غَيْرِ الْمُضِرِّ هُوَ فِي الْمُسْلِمِ. أَمَّا الْكَافِرُ فَلَيْسَ لَهُ الْإِشْرَاعُ إلَى شَوَارِعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الصَّحِيحِ وَإِنْ جَازَ اسْتِطْرَاقُهُ لِأَنَّهُ كَإِعْلَاءِ الْبِنَاءِ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي الْمَنْعِ. قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَسُلُوكُ أَهْلِ الذِّمَّةِ طُرُقَاتِ الْمُسْلِمِينَ لَيْسَ عَلَى اسْتِحْقَاقِ مِلْكٍ بَلْ إمَّا بِطَرِيقِ التَّبَعِ لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ بِمَا يَبْذُلُونَهُ مِنْ الْجِزْيَةِ إذَا قُلْنَا: إنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ سُكْنَى الدَّارِ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي آبَارِ حُشُوشِهِمْ إذَا أَرَادُوا حَفْرَهَا فِي أَفْنِيَةِ دُورِهِمْ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ لَا يُمْنَعُوا مِنْ إخْرَاجِ الْجَنَاحِ وَلَا مِنْ حَفْرِ آبَارِ حُشُوشِهِمْ فِي مَحَالِّهِمْ وَشَوَارِعِهِمْ الْمُخْتَصَّةِ بِهِمْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ كَمَا فِي رَفْعِ الْبِنَاءِ وَهُوَ بَحْثٌ حَسَنٌ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ جَوَازَ إخْرَاجِ الْجَنَاحِ إلَى الطَّرِيقِ بِشَرْطِ أَنَّهُ يَجُوزُ إخْرَاجُ جَنَاحٍ تَحْتَ جَنَاحِ صَاحِبِهِ إذْ لَا ضَرَرَ وَفَوْقَهُ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِالْمَارِّ عَلَى جَنَاحِ صَاحِبِهِ أَوْ مُقَابِلَهُ إنْ لَمْ يُبْطِلْ انْتِفَاعَ صَاحِبِهِ، وَكَذَا مَوْضِعُهُ أَيْضًا إذَا انْهَدَمَ أَوْ هَدَمَهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى عَزْمِ إعَادَتِهِ وَلَوْ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ مَعَهُ إعَادَتُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا لَوْ قَعَدَ لِاسْتِرَاحَةٍ وَنَحْوِهَا فِي طَرِيقٍ وَاسِعٍ ثُمَّ انْتَقَلَ عَنْهُ يَجُوزُ لِغَيْرِهِ الِارْتِفَاقُ بِهِ وَيَصِيرُ أَحَقَّ بِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: قِيَاسُ اعْتِبَارِ الْإِعْرَاضِ فِي الْقُعُودِ فِيهِ لِلْمُعَامَلَةِ بَقَاءُ حَقِّهِ هُنَا إذَا عَادَ إلَيْهِ كَمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ.
أُجِيبَ بِأَنَّ إشْرَاعَ الْجَنَاحِ إنَّمَا يَكُونُ بِطَرِيقِ التَّبَعِ لِاسْتِحْقَاقِ الطُّرُوقِ وَعِنْدَ سُقُوطِ اسْتِحْقَاقِ الطُّرُوقِ ثَابِتٌ لِكُلِّ الْمُسْلِمِينَ، فَلِذَلِكَ مَنْ سَبَقَ كَانَ أَحَقَّ بِهِ لِمُشَارَكَتِهِ فِي السَّبَبِ، وَالِانْتِفَاعُ بِالْمَقَاعِدِ لَيْسَ تَبَعًا لِغَيْرِهِ؛ فَلِذَلِكَ مَنْ سَبَقَ كَانَ أَحَقَّ بِهِ مَا لَمْ يُعْرِضْ عَنْهُ، وَبِأَنَّ الْمُعَامَلَةَ لَا تَدُومُ بَلْ الِانْتِقَالُ عَنْهَا، ثُمَّ الْعَوْدُ إلَيْهَا ضَرُورِيٌّ فَاعْتُبِرَ الْإِعْرَاضُ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَاعْتُبِرَ الِانْهِدَامُ. نَعَمْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ بَنَى دَارًا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute