وَلَوْ صَالَحَ مِنْ حَالٍّ عَلَى مُؤَجَّلٍ مِثْلِهِ أَوْ عَكَسَ لَغَا، فَإِنْ عَجَّلَ الْمُؤَجَّلَ صَحَّ الْأَدَاءُ.
وَلَوْ صَالَحَ مِنْ عَشَرَةٍ حَالَّةٍ عَلَى خَمْسَةٍ مُؤَجَّلَةٍ بَرِئَ مِنْ خَمْسَةٍ وَبَقِيَتْ خَمْسَةٌ حَالَّةٌ، وَلَوْ عَكَسَ لَغَا.
النَّوْعُ الثَّانِي: الصُّلْحُ عَلَى الْإِنْكَارِ،
ــ
[مغني المحتاج]
مِنْ الْأَلْفِ عَلَى بَعْضِهِ إبْرَاءٌ لِلْبَعْضِ وَاسْتِيفَاءٌ لِلْبَاقِي، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ.
(وَلَوْ صَالَحَ مِنْ) دَيْنٍ (حَالٍّ عَلَى مُؤَجَّلٍ مِثْلِهِ) جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً (أَوْ عَكَسَ) أَيْ صَالَحَ مِنْ مُؤَجَّلٍ عَلَى حَالٍّ مِثْلِهِ كَذَلِكَ (لَغَا) الصُّلْحُ؛ لِأَنَّهُ وَعْدٌ فِي الْأُولَى مِنْ الدَّائِنِ بِإِلْحَاقِ الْأَجَلِ، وَصِفَةُ الْحُلُولِ لَا يَصِحُّ إلْحَاقُهَا، وَفِي الثَّانِيَةِ وَعْدٌ مِنْ الْمَدْيُونِ بِإِسْقَاطِ الْأَجَلِ، وَهُوَ لَا يَسْقُطُ، وَالصِّحَّةُ وَالتَّكْسِيرُ كَالْحُلُولِ وَالتَّأْجِيلِ (فَإِنْ عَجَّلَ) الدَّيْنَ (الْمُؤَجَّلَ صَحَّ الْأَدَاءُ) وَسَقَطَ الْأَجَلُ لِصُدُورِ الْإِيفَاءِ وَالِاسْتِيفَاءُ مِنْ أَهْلِهِمَا. نَعَمْ إنْ ظَنَّ الْمُؤَدِّي صِحَّةَ الصُّلْحِ لَمْ يَسْقُطْ الْأَجَلُ وَاسْتَرَدَّ مَا عَجَّلَهُ، كَمَنْ ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا فَأَدَّاهُ فَبَانَ خِلَافُهُ فَإِنَّهُ يَسْتَرِدُّ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ قَطْعًا، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ قَاعِدَةٍ مُتَكَرِّرَةٍ، وَهِيَ إذَا شُرِطَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ لَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ، كَمَا لَوْ شَرَطَ بَيْعًا فِي بَيْعٍ فَفَعَلَ الْمَشْرُوطَ عَلَيْهِ جَاهِلًا بِبُطْلَانِ الْعَقْدِ الْمَشْرُوطِ، كَأَنْ أَتَى بِالْبَيْعِ الثَّانِي، فَهَلْ يَنْفُذُ لِكَوْنِهِ تَصَرُّفًا صَحِيحًا فِي نَفْسِهِ أَوْ لَا لِكَوْنِهِ وَفَاءً بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ؟ فِيهِ خِلَافٌ، وَقَدْ اضْطَرَبَ التَّرْجِيحُ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ. ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ تَظَافَرَتْ نُصُوصُ الشَّافِعِيِّ عَلَى الْبُطْلَانِ، فَلْتَكُنْ الْفَتْوَى عَلَيْهِ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا عَدَاهُ.
(وَلَوْ صَالَحَ مِنْ عَشَرَةٍ حَالَّةٍ عَلَى خَمْسَةٍ مُؤَجَّلَةٍ بَرِئَ مِنْ خَمْسَةٍ وَبَقِيَتْ خَمْسَةٌ حَالَّةٌ) ؛ لِأَنَّهُ سَامَحَ بِحَطِّ الْبَعْضِ وَوَعَدَ بِتَأْجِيلِ الْبَاقِي، وَالْوَعْدُ لَا يَلْزَمُ، وَالْحَطُّ صَحِيحٌ (وَلَوْ عَكَسَ) بِأَنْ صَالَحَ مِنْ عَشَرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ عَلَى خَمْسَةٍ حَالَّةٍ (لَغَا) الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ صِفَةَ الْحُلُولِ لَا يَصِحُّ إلْحَاقُهَا، وَالْخَمْسَةُ الْأُخْرَى إنَّمَا تَرَكَهَا فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الْحُلُولُ لَا يَصِحُّ التَّرْكُ، وَالصِّحَّةُ وَالتَّكْسِيرُ كَالْحُلُولِ وَالتَّأْجِيلِ.
تَنْبِيهٌ: قَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ أَقْسَامَ الصُّلْحِ سِتَّةٌ: الْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ وَالْعَارِيَّةُ وَالْهِبَةُ وَالسَّلَمُ وَالْإِبْرَاءُ وَبَقِيَ مِنْهَا أَشْيَاءُ أُخَرُ مِنْهَا الْخُلْعُ كَصَالَحْتُك مِنْ كَذَا عَلَى أَنْ تُطَلِّقَنِي طَلْقَةً. وَمِنْهَا الْمُعَاوَضَةُ مِنْ دَمِ الْعَمْدِ كَصَالَحْتُكَ مِنْ كَذَا عَلَى مَا تَسْتَحِقُّهُ عَلَيَّ مِنْ قِصَاصٍ. وَمِنْهَا الْجِعَالَةُ كَصَالَحْتُكَ مِنْ كَذَا عَلَى رَدِّ عَبْدِي. وَمِنْهَا الْفِدَاءُ كَقَوْلِهِ لِلْحَرْبِيِّ صَالَحْتُك مِنْ كَذَا عَلَى إطْلَاقِ هَذَا الْأَسِيرِ. وَمِنْهَا الْفَسْخُ كَأَنْ صَالَحَ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ وَكَأَنَّهُ تَرَكَهَا كَغَيْرِهِ لِأَخْذِهَا مِمَّا ذُكِرَ (النَّوْعُ الثَّانِي الصُّلْحُ عَلَى الْإِنْكَارِ) أَوْ السُّكُوتِ مِنْ الْمُدَّعَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute