مصرّون على ما فعلوا وهم يعلمون، فهم هلكى؛ ومنهم من لا يصبر عن المعاصي، فهو يواقعها في رمضان.
وحكاية محمد بن هارون البلخي مشهورة قد رويت من وجوه، وهو أنّه كان مصرّا على شرب الخمر، فجاء في آخر يوم من شعبان وهو سكران، فعاتبته أمّه وهي تسجر تنّورا، فحملها فألقاها في التنّور فاحترقت، وكان بعد ذلك قد تاب وتعبّد، فرئي له في النّوم أنّ الله قد غفر للحاجّ كلّهم سواه.
فمن أراد الله به خيرا حبّب إليه الإيمان وزيّنه في قلبه، وكرّه إليه الكفر والفسوق والعصيان، فصار من الراشدين. ومن أراد به شرّا خلّى بينه وبين نفسه، فأتبعه الشيطان، فحبّب إليه الكفر والفسوق والعصيان، فكان من الغاوين.
الحذر الحذر من المعاصي، فكم سلبت من نعم، وكم جلبت من نقم، وكم خرّبت من ديار، وكم أخلت ديارا من أهلها، فما بقي منهم ديّار، كم أخذت من العصاة بالثار، كم محت لهم من آثار.
يا صاحب الذّنب لا تأمن عواقبه … عواقب الذّنب تخشى وهي تنتظر
فكلّ نفس ستجزى بالّذي كسبت … وليس للخلق من ديّانهم وزر
أين حال هؤلاء الحمقى من قوم كان دهرهم كله رمضان، ليلهم قيام ونهارهم صيام.
باع قوم من السّلف جارية، فلمّا قرب شهر رمضان رأتهم يتأهّبون له ويستعدّون بالأطمعة وغيرها، فسألتهم فقالوا: نتهيّأ لصيام رمضان، فقالت: وأنتم لا تصومون إلاّ رمضان؟ لقد كنت عند قوم كلّ زمانهم رمضان، ردّوني عليهم.
وباع الحسن بن صالح جارية له، فلمّا انتصف الليل قامت فنادتهم: يا أهل الدار، الصّلاة الصّلاة، قالوا: طلع الفجر؟ قالت: وأنتم لا تصلّون إلاّ