لا يجد مثله في الحاجة، أو كان لمشقة إخراج الزّكاة عليه عند تمام الحول جملة، فيكون التفريق في طول الحول أرفق به. وقد صرّح مجاهد بجواز التّعجيل على هذا الوجه، وهو مقتضى إطلاق الأكثرين، وخالف في هذه الصورة إسحاق، نقله عنه ابن منصور.
وأما إذا حال الحول فليس له التأخير بعد ذلك عند الأكثرين. وعن أحمد يجوز تأخيرها؛ لانتظار قوم لا يجد مثلهم في الحاجة. وأجاز مالك وأحمد في رواية نقلها إلى بلد فاضل، فعلى قياس هذا لا يبعد جواز تأخيرها إلى زمن فاضل لا يوجد مثله كرمضان ونحوه. وروى يزيد الرّقاشيّ عن أنس أن المسلمين كانوا يخرجون زكاتهم في شعبان تقوية على الاستعداد لرمضان، وفي الإسناد ضعف.
وأما الاعتمار في رجب؛ فقد روى ابن عمر رضي الله عنهما، أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم اعتمر في رجب، فأنكرت ذلك عائشة عليه، وهو يسمع، فسكت. واستحبّ الاعتمار في رجب عمر بن الخطاب وغيره. وكانت عائشة تفعله وابن عمر أيضا. ونقل ابن سيرين عن السّلف أنّهم كانوا يفعلونه.
فإنّ أفضل الأنساك أن يؤتى بالحجّ في سفرة، والعمرة في سفرة أخرى في غير أشهر الحجّ، وذلك من جملة إتمام الحجّ والعمرة المأمور به. كذلك قاله جمهور الصّحابة كعمر وعثمان وعليّ وغيرهم رضي الله عنهم.
وقد روي أنّه كان في شهر رجب حوادث عظيمة، ولم يصحّ شيء من ذلك؛ فروي أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم ولد في أول ليلة منه، وأنّه بعث في السابع والعشرين منه، وقيل: في الخامس والعشرين، ولا يصحّ شيء من ذلك. وروي بإسناد لا يصحّ عن القاسم بن محمد أنّ الإسراء بالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان في سابع عشرين رجب، وأنكر ذلك إبراهيم الحربيّ وغيره. وروي عن قيس بن عباد، قال: في اليوم العاشر من رجب {يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ}[الرّعد: ٣٩].