للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ دَلِيلًا مُسْتَقِلًا عَلَى أَنَّهُ يُجْزِئُ مَسْحُ الْبَعْضِ، سَوَاءٌ كَانَتِ الْآيَةُ مِنْ قَبِيلِ الْمُجْمَلِ أَمْ لَا.

الثَّالِثُ: لَا إِجْمَالَ فِي مِثْلِ قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا} ١ عِنْدَ الْجُمْهُورِ.

وَقَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: إِنَّهَا مُجْمَلَةٌ؛ إِذِ الْيَدُ الْعُضْوُ مِنَ الْمَنْكِبِ، وَالْمِرْفَقِ، وَالْكُوعِ، لِاسْتِعْمَالِهَا فِيهَا، وَالْقَطْعُ لِلْإِبَانَةِ، وَالشَّقُّ، لِاسْتِعْمَالِهِ فِيهِمَا.

وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ: بِأَنَّ الْيَدَ تُسْتَعْمَلُ مُطْلَقَةً وَمُقَيَّدَةً، فَالْمُطْلَقَةُ تَنْصَرِفُ إِلَى الْكُوعِ بِدَلِيلِ آيَةِ التَّيَمُّمِ٢، وَآيَةُ السَّرِقَةِ٣، وَآيَةُ الْمُحَارَبَةِ٤.

وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ: بِأَنَّ الْيَدَ حَقِيقَةٌ فِي الْعُضْوِ إِلَى الْمَنْكِبِ، وَلِمَا دُونَهُ مَجَازٌ، فَلَا إِجْمَالَ فِي الْآيَةِ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ.

وَقَدْ جَاءَتِ السُّنَّةُ بِأَنَّ الْقَطْعَ مِنَ الْكُوعِ٥، فَكَانَ ذَلِكَ مُقْتَضِيًا لِلْمَصِيرِ إِلَى الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ فِي الْآيَةِ.

وَيُجَابُ عَمَّا ذُكِرَ فِي الْقَطْعِ: بِأَنَّ الْإِجْمَالَ إِنَّمَا يَكُونُ مَعَ عَدَمِ الظُّهُورِ فِي أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْقَطْعِ، لَا فِي الشَّقِّ الَّذِي هُوَ مُجَرَّدُ قَطْعٍ بِدُونِ إِبَانَةٍ.

الرَّابِعُ: لَا إِجْمَالَ فِي نَحْوِ: "لَا صَلَاةَ إِلَّا بِطَهُورٍ" ٦، "لَا صَلَاةَ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ" ٧، "لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ" ٨، "لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ" ٩، "لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إِلَّا في المسجد"١٠.


١ جزء من الآية ٣٨ من سورة المائدة.
٢ جزء من آيتين الأولى في المائدة ٦ والثانية في النساء ٤٣. وفيها قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} .
٣ جزء من الآية ٣٨ من سورة المائدة. وفيها قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} .
٤ جزء من الآية ٣٣ من سورة المائدة. وفيها قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} .
٥ تقدم تخريجه في الصفحة ١/ ١٠٥.
٦ تقدم في الصفحة ١/ ٣٧٠.
٧ أخرجه البخاري من حديث عبادة بن الصامت بلفظ: "لاصلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"، كتاب الآذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها في الحضر والسفر ٧٥٦. ومسلم، كتاب الصلاة، باب قراءة الفاتحة في كل ركعة ٣٩٤. وأبو داود، كتاب الصلاة، باب من ترك القراءة في صلاته ٨٢٢. والنسائي، كتاب الافتتاح، باب إيجاب قراءة فاتحة الكتاب في الصلاة ٩٠٩، ٢/ ١٣٧. وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، باب القراءة خلف الإمام ٨٣٧. وابن حبان في صحيحه ١٧٨٢. والحميدي ٣٨٦.
٨ تقدم تخريجه في الصفحة ١/ ١٩٣ بلفظ "لا صيام لمن لم يجمع الصيام من الليل ".
٩ تقدم تخريجه في الصفحة ١/ ٣٧٠.
١٠ أخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب الصلاة ١/ ٢٤٥. والبيهقي في السنن، كتاب الصلاة باب ما جاء في التشديد في ترك الجماعة من غير عذر ٣/ ٥٧. والدارقطني في الصلاة باب الحث لجار المسجد للصلاة فيه ١/ ٤٢٠، وهو من حديث أبي هريرة. وقال الحافظ السخاوي في المقاصد الحسنة ٤٦٧ رقم ١٣٠٩ أخرجه الطبراني فيما أملاه من طريق الديلمي عن أبي هريرة. ونقل عن أبي حزم أنه ضعيف. وفي التلخيص الحبير ٢/ ٣١: مشهور بين الناس وهو ضعيف ليس له إسناد ثابت. وأخرجه الدارقطني عن جابر وأبي هريرة، وفي الباب عن علي. وهو ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>