للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْبُخَارِيُّ إِنَّهُ يَجُوزُ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ عَلَى الشَّيْخِ كَالْقِرَاءَةِ مِنْهُ وَنَقَلَهُ الصَّيْرَفِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ. وَرُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ وَمُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ صَاحِبِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي هَذِهِ الطَّرِيقَةِ أَنْ يَقُولَ أَخْبَرَنَا وَلَا يَجُوزَ أَنْ يَقُولَ حَدَّثَنَا.

قَالَ الرَّبِيعُ١: قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا قَرَأْتَ عَلَى الْعَالِمِ فَقُلْ: أَخْبَرَنَا. وَإِذَا قَرَأَ عَلَيْكَ فَقُلْ: حَدَّثَنَا.

قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَهُوَ بِاصْطِلَاحِ الْمُحَدِّثِينَ فِي الْآخَرِ وَالِاحْتِجَاجُ لَهُ لَيْسَ بِأَمْرٍ لُغَوِيٍّ وَإِنَّمَا هُوَ اصْطِلَاحٌ مِنْهُمْ أَرَادُوا بِهِ التَّمْيِيزَ بَيْنَ النَّوْعَيْنِ.

قَالَ ابْنُ فَوْرَكٍ: بَيْنَ حَدَّثَنِي وَأَخْبَرَنِي فَرْقٌ لِأَنَّ أَخْبَرَنِي يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِالْكِتَابَةِ إِلَيْهِ وَحَدَّثَنِي لَا يَحْتَمِلُ "غَيْرَ"* السَّمَاعِ.

الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ:

الْكِتَابَةُ الْمُقْتَرِنَةُ بِالْإِجَازَةِ نَحْوَ أَنْ يَكْتُبَ الشَّيْخُ إِلَى التِّلْمِيذِ سَمِعْتُ مِنْ فُلَانٍ كَذَا وَقَدْ أَجَزْتُ لَكَ أَنْ تَرْوِيَهُ عَنِّي وَكَانَ خَطُّ الشَّيْخِ مَعْرُوفًا، فَإِنْ تَجَرَّدَتِ الْكِتَابَةُ عَنِ الْإِجَازَةِ فَقَدْ أَجَازَ الرِّوَايَةَ بِهَا كَثِيرٌ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ حَتَّى قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: إِنَّهَا أَقْوَى مِنْ مُجَرَّدِ الْإِجَازَةِ. وَقَالَ الْكِيَا الطَّبَرِيُّ: إِنَّهَا بِمَنْزِلَةِ السَّمَاعِ قَالَ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ أَحَدُ اللِّسَانَيْنِ. وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبْلِغُ بِالْكِتَابَةِ "لِلْغَائِبِينَ"** كَمَا يُبْلِغُ بِالْخِطَابِ للحاضرين. وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْتُبُ إِلَى عُمَّالِهِ تَارَةً وَيُرْسِلُ أُخْرَى. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَدْخَلِ"٢: الْآثَارُ فِي هَذَا كثيرة مِنَ التَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ وَفِيهَا دِلَالَةٌ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ وَاسِعٌ عِنْدَهُمْ وَكَتَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِلَى عُمَّالِهِ بِالْأَحْكَامِ"*** شَاهِدَةً لِقَوْلِهِ، قَالَ: إِلَّا أَنَّ مَا سَمِعَهُ مِنَ الشَّيْخِ فَوَعَاهُ "أَوْ قُرِئَ"**** عَلَيْهِ وَأَقَرَّ بِهِ أَوْلَى بِالْقَبُولِ مما كتب به إليه،


* في "أ": إلا.
** في "أ": إلى الغائبين.
*** ما بين قوسين ساقط من "أ".
**** في "أ": وقرأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>