للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا نُؤْتِي السُّفَهَاءَ أَمْوَالَنَا حِفْظًا لَهَا، وَعَلَّمَنَا أَنَّ الطَّلَاقَ شُرِّعَ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ؛ كَانَ التَّارِكُ لِمَا أَرْشَدَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ قَدْ يَقَعُ فِيمَا يَكْرَهُ، وَلَمْ يُجَبْ دُعَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ الْأَمْرَ مِنْ بَابِهِ.

وَالْآثَارُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ تَدُلُّ بِظَوَاهِرِهَا وَمَفْهُومَاتِهَا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ سُئِل عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا؛ فَتَلَا: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ... } حَتَّى بَلَغَ: {يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطَّلَاقِ: ١-٢] ، وَأَنْتَ لَمْ تَتَّقِ اللَّهَ، فلا١ أَجِدْ لَكَ مَخْرَجًا٢.

وَخَرَّجَ مَالِكٌ فِي الْبَلَاغَاتِ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَنَّ رَجُلًا أَتَى إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ؛ فَقَالَ: إِنِّي طَلَّقْتُ امرأتي ثماني تَطْلِيقَاتٍ. فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: فَمَاذَا قِيلَ لَكَ؟ قَالَ: قِيلَ لِي: إِنَّهَا قَدْ بَانَتْ مِنِّي. فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: صَدَقُوا، مَنْ طَلَّقَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ؛ فَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ لَهُ، وَمَنْ لَبَّسَ٣ عَلَى نَفْسِهِ لَبْسًا؛ جَعَلْنَا لَبْسَهُ بِهِ، لَا تُلَبِّسُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَنَتَحَمَّلُهُ عَنْكُمْ، هُوَ كما تقولون٤.


١ كذا في "ط"، وفي غيره: "لم".
٢ أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" "٦/ ٣٩٦/ رقم ١١٣٤٦"، وسعيد بن منصور في "سننه" "رقم ١٠٦٤"، والبيهقي في "الكبرى" "٧/ ٣٣٧".
٣ أي: خلط.
٤ أخرجه مالك في "الموطأ" "١/ ٦٠٥/ رقم ١٥٧٠- رواية أبي مصعب، و٢/ ٥٥٠/ رقم ٢- رواية يحيى" بلغه أن رجلا جاء إلى عبد الله بن مسعود "وذكره".
ووصله عبد الرزاق في "المصنف" "٦/ ٣٩٤-٣٩٥/ رقم ١١٣٤٢"، وابن أبي شيبة في "المصنف" "٥/ ١٤"، وإسحاق بن راهوية -كما في "المطالب العالية"- والبيهقي في "الكبرى" "٧/ ٣٣٥"، وابن حزم في "المحلى" "١٠/ ١٧٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>