للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِجَازَتِهِ وَالْإِقْرَارِ بِصِحَّتِهِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ فِي الِاخْتِيَارَاتِ، وَلَيْسَ فِي الْحَقِيقَةِ بِاخْتِلَافٍ، فَإِنَّ الْمَرْوِيَّاتِ عَلَى الصِّحَّةِ مِنْهَا لَا يَخْتَلِفُونَ١ فِيهَا.

وَالسَّابِعُ: أَنْ يَقَعَ تَفْسِيرُ الْآيَةِ أَوِ الْحَدِيثِ مِنَ الْمُفَسِّرِ الْوَاحِدِ عَلَى أَوْجَهٍ مِنَ الِاحْتِمَالَاتِ، وَيَبْنِي عَلَى كُلِّ احْتِمَالٍ مَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَذْكُرَ خِلَافًا فِي التَّرْجِيحِ، بَلْ عَلَى تَوْسِيعِ الْمَعَانِي خَاصَّةً، فَهَذَا لَيْسَ بمستقر خلافً؛ إِذِ الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْتِزَامِ كُلِّ قَائِلٍ احْتِمَالًا يُعَضِّدُهُ بِدَلِيلٍ يُرَجِّحُهُ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الِاحْتِمَالَاتِ حَتَّى يَبْنِيَ عَلَيْهِ [دُونَ غَيْرِهِ] ، وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِي مِثْلِ هَذَا.

وَالثَّامِنُ: أَنْ يَقَعَ الْخِلَافُ فِي تَنْزِيلِ الْمَعْنَى الْوَاحِدِ، فَيَحْمِلُهُ قَوْمٌ عَلَى الْمَجَازِ مَثَلًا وَقَوْمٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَالْمَطْلُوبُ أَمْرٌ وَاحِدٌ٢، كَمَا يَقَعُ لِأَرْبَابِ التَّفْسِيرِ كَثِيرًا فِي نَحْوِ قَوْلِهِ: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَي} [يُونُسَ: ٣١] ، فَمِنْهُمْ مَنْ يحمل الحيات وَالْمَوْتَ عَلَى حَقَائِقِهِمَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْمِلُهُمَا عَلَى الْمَجَازِ، وَلَا فَرْقَ فِي تَحْصِيلِ الْمَعْنَى بَيْنَهُمَا، وَنَظِيرُ هَذَا قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:

وَظَاهِرٌ لَهَا من يابس الشخت

وبائس الشخت وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ ٣، وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ٤ فِيهِ: إِنَّ "بَائِسَ" وَ"يَابِسَ" وَاحِدٌ، وَمِثْلُ ذَلِكَ قوله: {فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيم} [القلم: ٢٠] ،


١ فلا يتأتى الاختلاف بينهم في المتواتر. "د".
٢ أي: نحصل عليه على محمل، كما سيقول: "فلا فرق ... إلخ". "د".
٣ أي: في المسألة الرابعة من النَّوْعُ الثَّانِي فِي بَيَانِ قَصْدِ الشَّارِعِ فِي وَضْعِ الشَّرِيعَةِ للأفهام. "ف" و"م".
قلت: انظره والتعليق عليه "٢/ ١٣٣".
٤ أي: حيث سائل أنشدت البيت أولًا بلفظ: "يائس"، ثم بلفظ: "بائس". "ف" و"م".

<<  <  ج: ص:  >  >>