للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمِثْلُ هَذَا لَا يَصِحُّ أَنْ يُعْتَدَّ بِهِ خِلَافًا فِي الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ رُجُوعَ الْإِمَامِ عَنِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ إِلَى الْقَوْلِ الثَّانِي اطِّرَاحٌ مِنْهُ لِلْأَوَّلِ وَنَسْخٌ لَهُ بِالثَّانِي، وَفِي هَذَا مِنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ تَنَازُعٌ، وَالْحَقُّ فِيهِ مَا ذُكِرَ أَوَّلًا١، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ أَنَّ الشَّرِيعَةَ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ، وَلَا يَصِحُّ فِيهَا غَيْرُ ذَلِكَ، وَقَدْ يَكُونُ هَذَا الْوَجْهُ عَلَى أَعَمِّ مِمَّا ذُكِرَ كَأَنْ يَخْتِلَفَ الْعُلَمَاءُ عَلَى قَوْلَيْنِ ثُمَّ يَرْجِعُ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ إِلَى الْآخَرِ، كَمَا ذُكِرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ٢ فِي الْمُتْعَةِ وَرِبَا الْفَضْلِ، وَكَرُجُوعِ٣ الْأَنْصَارِ إِلَى الْمُهَاجِرِينَ فِي مَسْأَلَةِ الْغُسْلِ مِنَ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْكَى مِثْلُ هَذَا فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ.

وَالسَّادِسُ: أَنْ يَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي الْعَمَلِ لَا فِي الْحُكْمِ، كَاخْتِلَافِ الْقُرَّاءِ فِي وُجُوهِ القراءات، فإنهم لم يقرؤوا به على إنكار غيره، بل على


١ على تفصيل تراه في: "إعلام الموقعين" "٤/ ٢٢٣"، و"البحر المحيط" "٦/ ٢٦٦" للزركشي، و"الفتيا ومناهج الإفتاء" "ص١٣٧-١٤٢ - ط الدار السلفية" للشيخ محمد الأشقر، و"الاجتهاد في الإسلام" "ص٢١٥-٢١٦" لنادية العمري.
٢ أنه رجع عن حلهما الذي كان مخالفًا فيه للجمهور إلى تحريمهما. "د".
قلت: انظر في رجوع ابن عباس عن ربا الفضل في: "المعرفة والتاريخ" "٣/ ٢٧"، و"مصنف عبد الرزاق" "٨/ ١١٨-١١٩"، و"التاريخ الكبير" "١/ ٢/ ٤٨٧"، و"المطالب العالية" "١/ ٣٨٨-٣٨٩"، "شرح معاني الآثار" "٤/ ٦٤-٦٥"، و"الكفاية" "ص٢٨"، و"الفقيه" والمتفقه" "١/ ١٤٠-١٤٣"، كلاهما للخطيب، و"ذكر أخبار أصبهان" "١/ ٢٣٠"، و"المعجم الأوسط" "رقم ١٥٦١" للطبراني، و"الاعتبار" "ص٢٤٨، ٢٥٠" للحازمي، و"التمهيد" "٤/ ٧٤"، و"تاريخ واسط" "ص٩٣"، و"فتح الباري" "٤/ ٣٨١-٣٨٢"، و"المغني" "٤/ ١-٣"، و"تحفة الأحوذي" "٤/ ٤٤٢".
٣ تقدم له في المسألة الثانية عشرة من كتاب الأدلة في فتوى زيد بن ثابت ورفاعة بن رافع وكلام عمر معهما. "د".
قلت: انظر تخريجها هناك "٣/ ٢٧٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>