للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهَا: أَنْ يُذْكَرَ فِي التَّفْسِيرِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ أَوْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ، وَيَكُونَ ذَلِكَ الْمَنْقُولُ بَعْضَ مَا يَشْمَلُهُ اللَّفْظُ، ثُمَّ يَذْكُرَ غَيْرَ ذَلِكَ الْقَائِلُ أَشْيَاءَ أُخَرَ مِمَّا يَشْمَلُهُ اللَّفْظُ أَيْضًا، فَيَنُصُّهُمَا الْمُفَسِّرُونَ عَلَى نَصِّهِمَا، فَيُظَنُّ أَنَّهُ خِلَافٌ، كَمَا نَقَلُوا فِي الْمَنِّ أَنَّهُ خُبْزُ رُقَاقٍ، وَقِيلَ: زَنْجَبِيلٌ، وَقِيلَ: التَّرَنْجَبِينُ وَقِيلَ: شَرَابٌ مَزَجُوهُ بِالْمَاءِ، فَهَذَا كُلُّهُ يَشْمَلُهُ١ اللَّفْظُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ مَنَّ بِهِ عَلَيْهِمْ، وَلِذَلِكَ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: "الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ"٢، فَيَكُونُ الْمَنُّ جُمْلَةَ نِعَمٍ، ذَكَرَ النَّاسُ مِنْهَا آحَادًا.

وَالثَّانِي: أَنْ يُذْكَرَ فِي النَّقْلِ أَشْيَاءُ تَتَّفِقُ فِي الْمَعْنَى بِحَيْثُ تَرْجِعُ إِلَى مَعْنًى وَاحِدٍ، فَيَكُونُ التَّفْسِيرُ فِيهَا عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ، وَيُوهِمُ نَقْلُهَا عَلَى اخْتِلَافِ اللَّفْظِ أَنَّهُ خِلَافٌ مُحَقَّقٌ، كَمَا قَالُوا فِي السَّلْوَى إِنَّهُ طَيْرٌ يُشْبِهُ السِّمَانِيَّ وَقِيلَ: طَيْرٌ أَحْمَرُ صِفَتُهُ كَذَا، وَقِيلَ: طَيْرٌ بِالْهِنْدِ أَكْبَرُ مِنَ الْعُصْفُورِ، وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي الْمَنِّ: شَيْءٌ يَسْقُطُ عَلَى الشَّجَرِ فَيُؤْكَلُ وَقِيلَ صَمْغَةٌ حُلْوَةٌ، وَقِيلَ: التَّرَنْجَبِينُ وَقِيلَ: مِثْلُ رُبٍّ غَلِيظٍ وَقِيلَ: عَسَلٌ جَامِدٌ، فَمِثْلُ هَذَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى الْمُوَافَقَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ فِيهَا٣.


١ أي: وإن كان أنواعًا متغايرة في المعنى، بخلاف ما قيل في المن في السبب الثاني، فإنه اختلاف في مجرد العبارة، والمعنى واحد. "د".
قلت: انظر "مجموع فتاوى ابن تيمية" "١٣/ ٣٤٣".
٢ أخرجه مسلم في "صحيحه" "كتاب الأشربة، باب فضل الكمأة ومداواة العين بها، ٣/ ١٦٢٠/ رقم ٢٠٤٩ بعد ١٥٩" عن سعيد بن زيد رضي الله عنه، وتتمته: "وماؤها شفاء للعين".
وأخرجه البخاري في "صحيحه" "كتاب التفسير، باب {وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى} ... ٨/ ١٦٣/ رقم ٤٤٧٨، وباب {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا ... } / ٣٠٣/ رقم ٤٦٣٩، وكتاب الطب، باب المن شفاء العين ١٠/ ١٦٣/ رقم ٥٧٠٨" عنه مختصرًا بلفظ: "الكمأة من المن، وماؤها شفاء للعين".
٣ انظر في هذا: "مجموع الفتاوى" "١٣/ ٣٤١-٣٤٢ و١٩/ ١٣٩-١٤٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>